بقصيدتك هذه ذاد ورد الغي عن صدره في قصيدته ويحكى أن العكوك مدح حميد بن عبد الحميد الطوسي بعد مدحه لأبي دلف بهذه القصيدة فقال له حميد ما عسى أن تقول فينا وما أبقيت لنا بعد قولك في أبي دلف إنما الدنيا أبو دلف... وأنشد البيتين فقال أصلح الله الأمير قد قلت فيك ما هو أحسن من هذا قال وما هو فأنشد (إنما الدنيا حميد * وأياديه الجسام) (فإذا ولى حميد * فعلى الدنيا السلام) قال فتبسم ولم يحر جوابا فأجمع من حضر المجلس من أهل المعرفة والعلم بالشعر أن هذا أحسن مما قاله في أبي دلف فأعطاه وأحسن جائزته وحكي وقيل إنه مدح المأمون بقصيدة أجاد فيها وتوسل بحميد الطوسي في إيصالها إليه فقال له المأمون خيره بين أن نجمع بين قوله هذا وبين قوله فيك وفي أبي دلف فإن وجدنا قوله فينا خيرا منه أجزناه عشرة آلاف وإلا ضربناه مائة سوط فخيره حميد فاختار الإعفاء وقال ابن المعتز في طبقات الشعراء ولما بلغ المأمون خبر هذه القصيدة غضب غضبا شديدا وقال اطلبوه حيثما كان وائتوني به فطلبوه فلم يقدروا عليه لأنه كان مقيما بالجبل فلما اتصل به الخبر هرب إلى الجزيرة الفراتية وقد كانوا كتبوا إلى الآفاق أن يؤخذ حيث كان فهرب من الجزيرة حتى توسط الشامات فظفروا به فأخذوه وحملوه مقيدا إلى المأمون فلما صار بين يديه قال له يا ابن اللخناء أنت القائل في قصيدتك للقاسم بن عيسى وهو أبو دلف (كل من في الأرض من عرب *) وأنشد البيتين جعلتنا ممن يستعير المكارم منه والافتخار به قال يا أمير
(٣٥٢)