(قد طبق الأرض من سهل إلى جبل * كأنه خط ذاك السائح الهروي) وإنما ذكرت البيتين استشهادا بهما على ما ذكرته من كثرة زياراته وكتب خطه وكان مع هذا فيه فضيلة وله معرفة بعلم السيمياء وبه تقدم عند الملك الظاهر ابن السلطان صلاح الدين صاحب حلب وأقام عنده وكان كثير الرعاية له وبنى له مدرسة بظاهر حلب وفي ناحية منها قبة هو مدفون بها وبتلك المدرسة بيوت كتب على باب كل بيت ما يليق به ورأيته كتب على باب الميضأة بيت المال في بيت الماء ورأيت في قبته معلقا عند رأسه غصنا وهو حلقة خلقية ليس فيه صنعة وهو أعجوبة وقيل إنه رآه في بعض سياحاته فاستصحبه وأوصى أن يكون عند رأسه ليعجب منه من يراه وله مصنفات منها كتاب الإشارات في معرفة الزيارات وكتاب الخطب الهروية وغير ذلك ورأيت في حائط الموضع الذي تلقى فيه الدروس من المدرسة المذكورة بيتين مكتوبين بخط حسن وكأنهما كتابة رجل فاضل نزل هناك قاصدا الديار المصرية فأحببت ذكرهما لحسنهما وهما (رحم الله من دعا لأناس * نزلوا هاهنا يريدون مصرا) (نزلوا والخدود بيض فلما * أزف البين عدن بالدمع حمرا) وتوفي في شهر رمضان في العشر الوسط سنة إحدى عشرة وستمائة في مدرسته المذكورة ودفن في القبة رحمه الله تعالى والهروي بفتح الهاء والراء وبعدها واو هذه النسبة إلى مدينة هراة وهي أحد كراسي مملكة خراسان فإنها مملكة عظيمة وكراسيها أربعة
(٣٤٧)