فتنته ونهوا عوامهم عن الدنو إليه والأخذ عنه فأقصته الملوك وشردته عن بلاده حتى انتهى إلى بادية لبلة فتوفي بها آخر نهار الأحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ست وخمسين وأربعمائة وقيل إنه توفي في منت ليشم وهي قرية ابن حزم المذكور رحمه الله تعالى وفيه قال أبو العباس ابن العريف المقدم ذكره كان لسان ابن حزم وسيف الحجاج بن يوسف شقيقين وإنما قال ذلك لكثرة وقوعه في الأئمة (118 وكانت وفاة والده أبي عمر أحمد في ذي القعدة سنة اثنتين وأربعمائة وكان وزير الدولة العامرية وهو من أهل العلم والأدب والخير والبلاغة وقال ولده أبو محمد المذكور أنشدني والدي الوزير في بعض وصاياه لي رحمه الله تعالى (إذا شئت أن تحيا غنيا فلا تكن * على حالة إلا رضيت بدونها) وذكر الحميدي في كتاب جذوة المقتبس أن الوزير المذكور كان جالسا بين يدي مخدومه المنصور أبي عامر محمد بن أبي عامر في بعض مجالسه العامة فرفعت إليه رقعة استعطاف لأم رجل مسجون كان المنصور اعتقله حنقا عليه لجرم استعظمه منه فلما قرأها اشتد غضبه وقال ذكرتني والله به وأخذ القلم وأراد أن يكتب يصلب فكتب يطلق ورمى الورقة إلى وزيره المذكور وأخذ الوزير القلم وتناول الورقة وجعل يكتب بمقتضى التوقيع إلى صاحب الشرطة فقال له المنصور ما هذا الذي تكتب قال بإطلاق فلان فحرد وقال من أمر بهذا فناوله التوقيع فلما رآه قال وهمت والله ليصلبن ثم خط على التوقيع وأراد أن يكتب يصلب فكتب يطلق فأخذ الوزير الورقة وأراد أن يكتب إلى الوالي بالإطلاق فنظر إليه المنصور وغضب
(٣٢٨)