ابن يونس بالموصل أيضا وأقام قليلا ثم سافر إلى خراسان فأقام بها زمانا وحصل علم الحديث هناك ثم رجع إلى الشام وتولى التدريس بالمدرسة الناصرية بالقدس المنسوبة إلى الملك الناصر صلاح الدسن يوسف بن أيوب رحمه الله تعالى وأقام بها مدة واشتغل الناس عليه وانتفعوا به ثم انتقل إلى دمشق وتولى تدريس المردسة الرواحية التي أنشأها الزكي أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد ابن رواحة الحموي وهو الذي أنشأ المدرسة الرواحية بحلب أيضا ولما بنى الملك الأشرف ابن الملك العادل بن أيوب رحمه الله تعالى دار الحديث بدمشق فوض تدريسها إليه واشتغل الناس عليه بالحديث ثم تولى تدريس مدرسة ست الشام زمرد خاتون بنت أيوب وهي شقيقة شمس الدولة توران شاه بن أيوب المقدم ذكره التي هي داخل البلد قبلي البيمارستان النوري وهي التي بنت المدرسة الأخرى ظاهر دمشق وبها قبرها وقبر أخيها المذكور وزوجها ناصر الدين بن أسد الدين شيركوه صاحب حمص فكان يقوم بوظائف الجهات الثلاث من غير إخلال بشيء منها إلا لعذر ضروري لا بد منه وكان من العلم والدين على قدم حسن وقدمت عليه في أوائل شوال سنة اثنتين وثلاثين وستمائة وأقمت عنده بدمشق ملازم الاشتغال مدة سنة وصنف في علوم الحديث كتابا نافعا وكذلك في مناسك الحج فيه أشياء حسن يحتاج الناس إليها وهو مبسوط وله إشكالات على كتاب الوسيط في الفقه وجمع بعض أصحابه فتاويه في مجلد ولم يزل أمره جاريا على ساداد وصلاح حال واجتهاد في الاشتغال والنفع إلى أن توفي يوم الأربعاء وقت الصبح وصلي عليه بعد الظهر وهو الخامس والعشرون ن شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وأربعين وستمائة بدمشق ودفن بمقابر الصوفية خارج باب النصر رحمه الله تعالى ومولده سنة سبع وسبعين وخمسمائة بشرخان 108 وتوفي والده الصلاح ليلة الخميس السابع والعشرين من ذي القعدة سنة ثماني عشرة وستمائة بحلب ودفن خارج باب الأربعين في الموضع المعروف بالجبل بتربة الشيخ علي بن محمد الفارسي وكان مولده في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة تقديرا لأنه كان لا يتحققه وتولى بحلب تدريس المدرسة الأسدية المنسوبة إلى أسد الدين سيركوه بن شاذي المقدم ذكره وكان قد دخل بغداد واشتغل بها واشتغل أيضا على شرف الدين بن أبي عصرون المقدم ذكره والنصري بفتح النون وسكون الصاد المهملة وبعدها راء هذه النسبة إلى جده أبي نصر المذكور وشرخان بفتح الشين المثلثة والراء والخاء المعجمة وبعد الألف نون قرية من أعمال إربل قريبة من شهرزور 109 وتوفي الزكي ابن رواحة المذكور يوم الثلاثاء سابع رجب سنة اثنتين وعشرين وستمائة بدمشق ودفن في مقابر الصوفية وذكر الشهاب عبد الرحمن المعروف بأبي شامة في تاريخه لامرتب على لاسنين أنه مات سنة ثلاث وعشرين 110 وتوفيت ست الشام بنت أيوب المذكورة في سنة ست عشرة وستمائة يوم الجمعة سادس عشر ذي القعدة رحمها الله تعالى وروي عن تقي الدين المعروف بابن الصلاح رحمه الله تعالى أنه قال أخبرني الشيخ الصالح علي بن الرواس قدس الله روحه قال ألهمت في النوم هذه الكلمات ادفع المسألة ما وجدت التجمل يمكنك فإن لكل يوم رزقا جديدا والإلحاح في الطلب يذهب البهاء وما أحسن الصنيع إلى الملهوف وربما كانت الغير نوعا من أدب الله تعالى والحظوظ مراتب فلا تعجل على ثمرة قبل ان تدرك فإنك ستنالها في أوانها ولا تعجل في جوائجك فتضيق بها ذرعا ويغشاك القنوط والله أعلم
(٢٤٤)