العزم واستنابه المستنصر صاحب مصر بمدينة صور وقيل عكا فلما ضعف حال المستنصر واختلت دولته كما سيأتي في ترجمته في حرف الميم إن شاء الله تعالى وصف له بدر الجمالي المذكور فاستدعاه وركب البحر في الشتاء في وقت لم تجر العادة بركوبه في مثله ووصل إلى القاهرة عشية يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى وقيل الآخرة سنة ست وستين وأربعمائة فولاه المستنصر تدبير أموره وقامت بوصوله الحرمة وأصلح الدولة وكان وزير السيف والقلم وإليه قضاء القضاة والتقدم على الدعاة وساس الأمور أحسن سياسة ويقال إن وصوله كان أول سعادة المستنصر وآخر قطوعه وكان يلقب أمير الجيوش ولما دخل على المستنصر قرأ قارىء بين يدي المستنصر * (ولقد نصركم الله ببدر) * ولم يتم الآية فقال المستنصر لو أتمها ضربت عنقه وجاوز ثمانين سنة ولم يزل كذلك إلى أن توفي في ذي القعدة وقيل في ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة رحمه الله تعالى قال علقمة العليمي قصدت بدرا الجمالي بمصر فرأيت الناس وكبراءهم وشعراءهم على بابه قد طال مقامهم ولم يصلوا إليه قال فبينا أنا كذلك إذ خرج بدر يريد الصيد فخرج علقمة في إثره فلما رجع وقف على نشز من الأرض وأومأ برقعة في يده وأنشأ يقول (نحن التجار وهذه أعلاقنا * درر وجود يمينك المبتاع) (قلب وفتشها بسمعك إنما * هي جوهر تختاره الأسماع) (كسدت علينا بالشآم وكلما * قل النفاق تعطل الصناع) (فأتاك يحملها إليك تجارها * ومطيها الآمال والأطماع) (فوهبت ما لم يعطه في دهره * هرم ولا كعب ولا القعقاع) (وسبقت هذا الناس في طلب العلا * فالناس بعدك كلهم أتباع)
(٤٤٩)