وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٣٤٠
أوحد عصره في فنون الآداب وعلو السماع وشهرته تغني عن الاطناب في وصفه وكان قد لقي جلة المشايخ وأخذ عنهم منهم الشريف أبو السعادات ابن الشجري وأبو محمد ابن الخشاب وأبو منصور الجواليقي وسافر عن بغداد في شبابه وآخر عهده بها في سنة ثلاث وستين وخمسمائة واستوطن حلب مدة وكان يبتاع الخليع ويسافر به إلى بلاد الروم ويعود إليها ثم انتقل إلى دمشق وصحب الأمير عز الدين فروخ شاه بن شاهان شاه وهو ابن أخي السلطان صلاح الدين واختص به وتقدم عنده وسافر في صحبته إلى الديار المصرية واقتنى من كتب خزائنها كل نفيس وعاد إلى دمشق واستوطنها وقصده الناس وأخذوا عنه ولو كتاب مشيخة على حروف المعجم أخبرني أحد أصحابه أنه قال كنت قاعدا على باب أبي محمد عبد الله بن الخشاب النحوي ببغداد وقد خرج من عنده أبو القاسم الزمخشري الإمام المشهور وهو يمشي في جاون خشب فإن إحدى رجليه كانت قد سقطت من الثلج قال والناس يقولون هذا الزمخشري ونقل من خطة كان الزمخشري أعلم فضلاء العجم بالعربية في زمانه وأكثرهم أنسا واطلاعا على كتبها وبه ختم فضلاؤهم وكان متحققا بالاعتزال قدم علينا بغداد سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة ورأيته عند شيخنا أبي منصور الجواليقي رحمه الله تعالى مرتين قارئا عليه بعض كتب اللغة من فواتحها ومستجيزا لها لأنه لم يكن له على ما عنده من العلم لقاء ولا رواية عفا الله عنه وعنا وأخبرني الشيخ مهذب الدين أبو طالب محمد المعروف بابن الخيمي بالقاهرة المحروسة قال كتب إلى الشيخ تاج الدين الكندي من دمشق من جملة أبيات (أيها الصاحب المحافظ قد حملتنا * من وفاء عهدك دينا)
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»