على سره الخفي غيره ومع هذا كله فإنه كان لا يتوسط عنده إلا بالخير ونفع خلقا كثيرا بحسن وساطته وجميل سفارته وأنشدني كثيرا من شعره فمن ذلك ما كتبه إلى بعض أصحابه وكان قد غرقت به سفينة فسلم بنفسه وذهب ما كان معه (لا تعتب الدهر في خطب رماك به * إن استرد فقدما طالما وهبا) (حاسب زمانك في حالي تصرفه * تجده أعطاك أضعاف الذي سلبا) (والله قد جعل الأيام دائرة * فلا ترى راحة تبقى ولا تعبا) (ورأس مالك وهي الروح قد سلمت * لا تأسفن لشيء بعدها ذهبا) (ما كنت أول مفدوح بحادثة * كذا مضى الدهر لا بدعا ولا عجبا) (ورب مال نما من بعد مرزئة * أما ترى الشمع بعد القط ملتهبا) وأنشدني المذكور وكتب بها لفخر الدين ابن قاضي داريا يشكو إليه سوء أدب غلمانه (سواك الذي ودي لديه مضيع * وغيرك من سعيي إليه محبب) (ووالله ما آتيك إلا محبة * وأني في أهل الفضيلة أرغب) (أبث لك الذكر الذي طاب نشره * وأطري بما أثني عليك وأطرب) (فما لي ألقى دون بابك جفوة * لغيرك تعزى لا إليك وتنسب) (أرد برد الباب إن جئت زائرا * فياليت شعري أين أهل ومرحب) (ولست بأوقات الزيارة جاهلا * ولا أنا ممن قربه يتجنب) (وقد جعلوا في خادم المرء أنه * بما كان من أخلاقه يتهذب)
(٣٣٣)