وجدا الإمام المسترشد قد أنكر تولية دبيس وقال لا سبيل إلى هذا وترددت الرسائل بينه وبين السلطان محمود في ذلك وآخر ما وقع اختيار المسترشد عليه تولية زنكي المذكور فاستدعى الرسولين الواصلين من الموصل وقرر معهما أن يكون الحديث في البلاد لزنكي ففعلا ذلك وضمنا للسلطان مالا وبذل له على ذلك المسترشد من ماله مائة ألف دينار فبطل أمر دبيس وتوجه زنكي إلى الموصل وتسلمها ودخلها في عاشر رمضان سنة إحدى وعشرين وخمسمائة كذا قال ابن العظيمي في تاريخه وقد قيل إن انتقاله إلى الموصل كان في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة والأول أصح وسيأتي ذكر السلطان محمود في حرف الميم إن شاء الله تعالى ولما تقلد زنكي الموصل سلم إليه السلطان محمود ولديه ألب أرسلان وفروخ شاه المعروف بالخفاجي ليربيهما فلهذا قيل له أتابك لأن الأتابك هو الذي يربى أولاد الملوك وقد تقدم ذكر ذلك في حرف الجيم عند ذكر جقر ثم استولى زنكي على ما والى الموصل من البلاد وفتح الرها يوم السبت الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وخمسمائة وكانت لجوسلين الأرمني ثم توجه إلى قلعة جعبر ومالكها يوم ذاك سيف الدولة أبو الحسن علي بن مالك فحاصرها وأشرف على أخذها فأصبح يوم الأربعاء خامس شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين وخمسمائة مقتولا قتله خادمه وهو راقد على فراشه ليلا ودفن بصفين رحمه الله تعالى وذكر شيخنا عز الدين بن الأثير الجزري في تاريخه الأتابكي أن زنكي المذكور لما قتل والده كان عمره تقديرا عشر سنين وقد تقدم تاريخ قتل والده في ترجمته فيكون مولده سنة سبع وسبعين وأربعمائة وعن بعض خواصه قال دخلت إليه في الحال وهو حي فحين رآني
(٣٢٨)