جوهرا المذكور بالتجهز إلى الديار المصرية واتفق أن جوهرا مرض مرضا شديدا أيس منه فيه وعاده مولاه المعز فقال هذا لا يموت وستفتح مصر على يديه واتفق إبلاله من المرض وقد جهز له كل ما يحتاج إليه من المال والسلاح والرجال فبرز بالعساكر في موضع يقال له الرقادة ومعه أكثر من مائة ألف فارس ومعه أكثر من ألف ومائتي صندوق من المال وكان المعز يخرج إليه كل يوم ويخلو به ويوصيه ثم تقدم إليه بالمسير وخرج لوداعه فوقف جوهر بين يديه والمعز متكئا على فرسه يحدثه سرا زمانا ثم قال لأولاده انزلوا لوداعه فنزلوا عن خيولهم ونزل أهل الدولة لنزولهم ثم قبل جوهر يد المعز وحافر فرسه فقال له اركب فركب وسار بالعساكر ولما رجع المعز إلى قصره أنفذ لجوهر ملبوسه وكل ما كان عليه سوى خاتمه وسراويله وكتب المعز إلى عبده أفلح صاحب برقة أن يترجل للقائد جوهر ويقبل يده عند لقائه فبذل أفلح مائة ألف دينار على أن يعفى من ذلك فلم يعف وفعل ما أمر به عند لقائه لجوهر ووصل الخبر إلى مصر بوصولهم فاضطرب أهلها واتفقوا مع الوزير جعفر بن الفرات على المراسلة في الصلح وطلب الأمان وتقرير أملاك أهل البلد عليهم وسألوا أبا جعفر مسلم بن عبد الله الحسيني أن يكونوا سفيرهم فأجابهم وشرط أن يكون معه جماعة من أهل البلد وكتب الوزير معهم أيضا بما يريد وتوجهوا نحو القائد جوهر يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وكان جوهر قد نزل في تزوجه وهي قرية بالقرب من الإسكندرية فوصل إليه الشريف بمن معه وأدى إليه الرسالة فأجابه إلى ما التمسوه وكتب له جوهر عهدا بما طلبوه واضطرب البلد اضطرابا شديدا وأخذت الإخشيدية والكافورية وجماعة من العسكر الأهبة للقتال وستروا ما في دورهم وأخرجوا مضاربهم ورجعوا عن الصلح وبلغ ذلك جوهرا فرحل إليهم وكان الشريف قد وصل بالعهد والأمان في سابع شعبان فركب إليه الوزير والناس واجتمع عنده الجند فقرأ عليهم العهد وأوصل إلى كل واحد جواب بما أراد من الإقطاع
(٣٧٧)