أما هذا فنعم وسار إلى مضرب الرشيد فلما سمع حسه قال له ما وراءك فذكر له قول جعفر فقال له يا ماص هن أمه والله لئن راجعتني لأقدمنك قبله فرجع فقتله وجاء برأسه فلما وضعه بين يديه اقبل عليه مليا ثم قال يا ياسر جئني بفلان وفلان فلما أتاه بهما قال لهما اضرب عنق ياسر فلا أقدر أرى قاتل جعفر انتهى كلامه في هذا الفصل وذكر في كتابه قال لما فهم جعفر من الرشيد الإعراض عند حجه معه ووصل إلى الحيرة ركب جعفر إلى كنيسة بها لأمر فوجد فيها حجرا عليه كتابة لاتفهم فأحضر تراجمة الخط وجعله فألا من الرشيد لما يخافه ويرجوه فقرئ فإذا فيه (إن بني المنذر عام انقضوا * بحيث شاد البيعة الراهب) (أضحوا ولا يرجوهم راغب * يوما ولا يرهبهم راهب) (تنفح بالمسك ذفاريهم * والعنبر الورد له قاطب) (فأصبحوا أكلا لدود الثرى * وانقطع المطلوب والطالب) فحزن جعفر وقال ذهب والله أمرنا قال الأصمعي وجه إلي الرشيد بعد قتله جعفرا فجئت فقال أبيات أردت أن تسمعها فقلت إذا شاء أمير المؤمنين فأنشدني (لو أن جعفر خاف أسباب الردى * لنجا به منها طمر ملجم) (ولكان من حذر المنية حيث لا * يرجو اللحاق به العقاب القشعم) (لكنه لما أتاه يومه * لم يدفع الحدثان عنه منجم) فعلمت أنها له فقلت إنها أحسن أبيات في معناها فقال إلحق الآن بأهلك يا ابن قريب إن شئت وحكي أن جعفرا في آخر أيامه أراد الركوب إلى دار الرشيد فدعا بالأصطرلاب ليختار وقتا وهو في داره على دجلة فمر رجل في سفينة وهو لا يراه ولا يدري ما يصنع والرجل ينشد
(٣٣٩)