فقال إني أخاف أن أوخذ فأرد فبعث معه من أوصله إلى مأمنه وبلغ الخبر الرشيد فدعا به وطاوله الحديث وقال يا جعفر ما فعل يحيى قال بحاله قال بحياتي فوجم وأحجم وقال لا وحياتك أطلقته حيث علمت أن لا سوء عنده فقال نعم الفعل وما عدوت ما في نفسي فلما نهض جعفر أتبعه بصره وقال قتلني الله إن لم أقتلك وقيل سئل سعيد بن سالم عن جناية البرامكة الموجبة لغضب الرشيد فقال والله ما كان منهم ما يوجب بعض عمل الرشيد بهم ولكن طالت أيامهم وكل طويل مملول والله لقد استطال الناس الذين هم خير الناس أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وما رأوا مثلها عدلا وأمنا وسعة أموال وفتوح وأيام عثمان رضي الله عنه حتى قتلوهما ورأى الرشيد مع ذلك أنس النعمة بهم وكثرة حمد الناس لهم ورميهم بآمالهم دونه والملوك تتنافس بأقل من هذا فتعنت عليهم وتجنى وطلب مساويهم ووقع منهم بعض الإدلال خاصة جعفر والفضل دون يحيى فإنه كان أحكم خبرة وأكثر ممارسة للأمور ولاذ من أعدائهم بالرشيد كالفضل بن الربيع وغيره فستروا المحاسن وأظهروا القبائح حتى كان ما كان وكان الرشيد بعد ذلك إذا ذكروا عنده بسوء أنشد يقول (أقلوا عليهم لا أبا لأبيكم * من اللوم أوسدوا المكان الذي سدوا) وقيل السبب أنه رفعت إلى الرشيد قصة لم يعرف رافعها فيها (قل لأمين الله في أرضه * ومن إليه الحل والعقد) (هذا ابن يحيى قد غدا مالكا * مثلك ما بينكما حد) (أمرك مردود إلى أمره * وأمره ليس له رد) (وقد بنى الدار التي ما بنى الفرس * لها مثلا ولا الهند) (الدر والياقوت حصباؤها * وتربها العنبر والند)
(٣٣٥)