كثيرة الأموال ومملكة كبيرة فلما سمع الرسالة قال لمتولي خزانته أحضر لنا ألف دينار فأحضرها فقال لأستاذ داره والرسول حاضر عنده أرسل هذا الكيس إلى السوق يشترون لنا بما فيه قطعة ثلج فقال أستاذ الدار يا مولانا هذه بلاد اليمن من أين يكون فيها ثلج فقال دعهم يشترون بها طبق مشمش لوزي فقال من أين يوجد هذا النوع ههنا فجعل يعدد عليه جميع أنواع فواكه دمشق وأستاذ الدار يظهر التعجب من كلامه وكلما قال له عن نوع يقول له يا مولانا من أين يوجد هذا ههنا فلما استوفى الكلام إلى آخره قال للرسول ليت شعري ماذاا أصنع بهذه الأموال إذا لم أنتفع بها في ملاذي وشهواتي فإن المال لا يؤكل بعينه بل الفائدة فيه أن يتوصل به الانسان إلى بلوغ أغراضه فعاد الرسول إلى صلاح الدين وأخبره بما جرى فأذن له في المجيء وكان القاضي الفاضل يكتب إليه الرسائل الفائقة ويودعها شرح الأشواق فمن ذلك أبيات مشهورة ذكرها في ضمن كتاب وهي (لا تضجرن مما أتيت فإنه * صدر لأسرار الصبابة ينفث) (أما فراقك واللقاء فإن ذا * منه أموت وذاك منه أبعث) (حلف الزمان على تفرق شملنا * فمتى يرق لنا الزمان ويحنث) (كم يلبث الجسم الذي ما نفسه * فيه ولا أنفاسه كم يلبث) (حول المضاجع كتبكم فكأنني * ملسوعكم وهي الرقاة النفث) ولما وصل إلى دمشق في التاريخ المقدم ذكره ناب عن أخيه صلاح الدين بها لما عاد صلاح الدين إلى الديار المصرية ثم انتقل إلى الديار المصرية في سنة أربع وسبعين وخمسمائة وكان أخوه صلاح الدين قد سيره في سنة ثمان وستين وخمسمائة إلى بلاد النوبة ليفتحها قبل سفره إلى اليمن فلما وصل إليها وجدها لا تساوي المشقة فتركها ورجع وقد غنم شيئا كثيرا من الرقيق وكانت له من
(٣٠٨)