سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١١٥
فيزرعه مثمرا أو بغير ثمر وهناك تجار لذلك يقدمون كل ما يطلب منهم فقد زرعوا الأشجار في أصص ووضعوها فوق الأسطح وكثير من سقوف بيوتهم حدائق أكثرها مثمر من النارنج والترنج والرمان والتفاح والسفرجل والورد والريحان والزهر فإذا اشترى أحدهم شجرا حمل الحمالون الأصص بالشجر بعد شدها على لوح من خشب ونقلوها إلى حيث يشاء ثم يحفر الزراع الأرض لغرس الشجر إما بكسر الأصص أو بنزع الشجر منها من غير أن يضار الشجر بهذا ولم أر هذا النظام في أي مكان آخر كما أني لم أسمع به والحق أنه نظام جميل جدا العودة إلى خراسان عن طريق الصعيد الأعلى وبلاد العرب والعراق والآن أعود إلى وطني من مصر عن طريق مكة حرسها الله تعالى من الآفات أقول أديت صلاة العيد في القاهرة وغادرت مصر في سفينة يوم الثلاثاء الرابع عشر من ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وأربعمائة (10 ابريل 1050) واتجهنا نحو الصعيد الأعلى وهو ولاية مصرية في الجنوب يأتي منها ماء النيل إلى مصر وأكثر رغدها منه وهناك على ضفتي النيل كثير من المدن والقرى يطول وصفها وقد بلغنا مدينة تسمى أسيوط يزرع فيها الأفيون وهو الخشخاش وحبه أسود حين تنمو الشجرة تكسر ويربط كيس في موضع الكسر فيخرج منه عصير يشبه اللبن فيجمعونه ويحفظونه وهو الأفيون وبذور هذا الخشخاش صغيرة مثل الكمون وينسجون في أسيوط عمائم من صوف
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»