سفرنامه - ناصر خسرو - الصفحة ١٢٦
كالتل في وسطها ويقال هناك إن رب هذا القصر كان ملكا على العالم كله كما يقال إن بهذا التل كنوزا ودفائن كثيرة ولكن أحدا لا يجرؤ على مد يده إليها سلطانا كان أو من الرعية ويصنعون بصنعاء العقيق وهو حجارة تقطع من الجبل وتسوى على النار في بواتق محاطة بالرمل ثم تعرض هكذا وسط الرمل لحرارة الشمس وبعد هذا يصقلونها بعجلة وقد رأيت في مصر سيفا أحضر للسلطان من اليمن مقبضه قطعة واحدة من العقيق الأحمر كأنه ياقوت وصف المسجد الحرام والكعبة قلنا إن الكعبة تقوم وسط المسجد الحرام وإن المسجد الحرام يقوم وسط مكة والمسجد ممتد طولا من الشرق إلى الغرب وعرضا من الشمال إلى الجنوب وسوره ليس قائم الزوايا بل أركانه مقوسة تميل إلى الاستدارة وذلك حتى تكون وجوه جميع المصلين شطر الكعبة في أي جهة كانوا يصلون بالمسجد وأقصى طول للمسجد من باب إبراهيم إلى باب بني هاشم أربع وعشرون وأربعمائة ذراع وعرضه من باب الندوة وهو جهة الشمال حتى باب الصفا وهو جهة الجنوب وأقصى اتساعه أربع وثلاثمائة ذراع وبسبب استدارته تبدو ساحة المسجد أضيق في جهة وأوسع في جهة أخرى وحوله ثلاثة أروقة رفعت أسقفها على أعمدة من الرخام ووسط هذه الأروقة مربع وعلى طول السقف من ناحية ساحة المسجد خمسة وأربعون طاقا وعلى عرضه ثلاثة وعشرون وعدد الأعمدة الرخامية التي فيه أربعة وثمانون وأربعمائة عمود قيل إنها كلها أرسلت من الشام عن طريق البحر بأمر خلفاء بغداد وقيل أنه حين بلغت هذه العمد مكة بلغ ثمن الحبال التي شدت بها إلى السفن والعجلات والتي قطعت قطعا ستين ألف دينار مغربي ومن
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»