طريق الشام ومصر فبلغوا المدينة في سفينة وقد بقي عليهم أن يقطعوا مائة فرسخ وأربعة حتى عرفات وهم في السادس من ذي الحجة فقالوا إن كلا منا يدفع أربعين دينارا لمن يرحلنا إلى مكة في هذه الأيام الثلاثة الباقية لنلحق الحج فجاء الأعراب وأوصلوهم إلى عرفات في يومين ونصف يوم وأخذوا أجورهم ذهبا وكانوا قد شدوهم إلى جمال سريعة وأتوا بهم من المدينة إلى عرفات وقد هلك اثنان منهم وكانوا موثقين على الجمال وكان أربعة منهم نصف أموات وقد بلغوا عرفات ونحن هناك ساعة صلاة العصر وكانوا لا يستطيعون الوقوف أو الكلام قالوا إنا توسلنا كثيرا في الطريق أن يأخذ هؤلاء الأعراب الذهب الذي اشترطنا وأن يتركونا فإنه لا طاقة لنا على مواصلة السفر ولكنهم لم يسمعوا لنا وساقونا على هذا النحو ومهما يكن فقد حج هؤلاء الأربعة وعادوا عن طريق الشام وبعد أن أكملت الحج توجهت نحو مصر فقد كانت لي بها كتب ولم يكن في نيتي أن أعود إليها وقد صحبت أمير مكة إلى مصر هذا العام فقد كان له رسم على السلطان يعطاه كل سنة لقرابته من أبناء الحسين بن علي صلوات الله عليهما فركبت السفينة معه حتى مدينة القلزم ومن هناك سرنا إلى مصر في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة (1049) وأنا بمصر جاء الخبر أن ملك حلب قد شق عصا الطاعة على السلطان وكان تابعا له وكان آباؤه ملوكا على حلب وكان للسلطان خادم اسمه عمدة الدولة هو أمير المطالبين وكان عظيم الجاه والمال ويسمى مطالبا من يبحث عن تلال مصر عن الكنوز والدفائن ويأتي لهذا الأمر رجال من المغرب وأديار مصر والشام ويتحمل
(١١٣)