يا أمير المؤمنين فهذا يوم له ما بعده من الأيام وإني لا أرى يا أمير المؤمنين ما رأى هؤلاء القوم أن تسير بنفسك وبأهل الحجاز والشأم والعراق فإن القوم إنما جاءوا لعبادة الشيطان والله أشد تغييرا لما أنكر ولكني أرى أن تبعث إلى أهل الكوفة فتيسر ثلثيهم وتدع ثلثا في حفظ ذراريهم وجمع جزيتهم وتبعث إلى أهل البصرة فليوروا ببعث * قال فقال عمر أشيروا على من أستعمل منهم قالوا أنت يا أمير المؤمنين أفضلنا رأيا وأعلمنا بأهلك قال لاستعملن عليهم رجلا يكون لأول أسنة يلقاها يا السائب بن الأقرع اذهب بكتابي هذا إلى النعمان ابن مقرن المزني فليسر بثلثي أهل الكوفة وليدع ثلثا في حفظ ذراريهم وجمع جزيتهم وأنت على ما أصابوا من غنيمة فلا ترفعن إلى باطلا ولا تحبسن حقا عن أحد هو له فإن قتل النعمان فحذيفة فإن قتل حذيفة فجرير فإن قتل ذلك الجيش فلا أرينك * قال فقدمت بكتابه على النعمان بن مقرن فسار بثلثي أهل الكوفة وترك ثلثا في حفظ ذراريهم وجمع جزيتهم وبعث إلى أهل البصرة فوروا ببعث ثم سار حتى التقوا بنهاوند فالتقوا يوم الأربعاء فكان في المجنبة اليمنى انكشاف وثبتت المجنبة اليسرى وثبت الصف ثم التقوا يوم الخميس فكانت في المجنبة اليسرى انكشاف وثبتت المجنبة اليمنى وثبت الصف ثم التقوا يوم الجمعة فأقبل النعمان بن مقرن على بريذين له أحوى قريب من الأرض يقف عند أهل كل راية يخطبهم ويحضهم ويقول إن هؤلاء أخطروا لكم خطرا وأخطرتم لهم خطرا عظيما أخطروا لكم جواليق رثة وأخطرتم لهم الاسلام وذراريكم فلا أعرفن رجلا منكم وكل قرنه إلى صاحبه فإن ذلك لوم ولكن شغل كل رجل منكم قرنه ثم إني هاز الراية فرمى رجل من ضيعته وتيسر ثم ثم هازها الثانية فوقف كل رجل منكم موقفه ثم هازها الثالثة فحامل فاحملوا على بركة الله ولا يلتفتن منكم أحد * [قال] فحملوا وحمل النعمان فكان النعمان أول مقتول رحمه الله * [قال] فأخذ حذيفة الراية ففتح الله عليه فجمعت تلك الغنائم وقسمتها بين المسلمين فلم أرفع باطلا ولم أحبس حقا عن أحد هو له وذكر الحديث بطوله * حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا الحارث بن أبي أسامة ثنا عفان بن مسلم ثنا
(٢٠)