عباس! ما أظنهم منعهم من صاحبك إلا أنهم استصغروه. فقلت في نفسي: هذه شر من الأخرى، فقلت: والله ما استصغره الله ورسوله حين أمره أن يأخذ سورة براءة من أبي بكر.
وقال عمر لعبد الله بن عباس: أتدري ما منع الناس من ابن عمك أن [58 أ] يولوه هذا الامر؟ قال: ما أدري، قال عمر: لحداثة سنه.
قال: فقد كان يوم بدر أحدثهم سنا، يقدمونه في المأزرة ويؤخرونه في الإمامة.
حدثنا أبو عمر، وأحمد بن عبد الله يرفعه، قال: مر عمر بعلي عليه السلام وهو يحدث الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إلى أين يا أمير المؤمنين؟ فقال: أريد الحديقة - يعني بستانا له -. فقال: أأونسك بابن عباس؟ فقال عمر: إذن أوحشك منه. فقال علي عليه السلام:
إني أوثرك به على نفسي، قم يا ابن عباس فحدثه. فقام إليه وسايره، فقال عمر: ما أكمل صاحبكم هذا لولا، فقال عبد الله لولا ماذا، فقال عمر: لولا حداثة سنه وكلفه بأهل بيته وبغض قريش له. فقال عبد الله بن عباس: أتأذن لي في الجواب؟ فقال عمر: هات. فقال: أما حداثة سنه فما استحدث من جعله الله لنبيه أخا وللمسلمين وليا، وأما كلفه بأهل بيته فما ولي فآثر أهل بيته على رضاء الله، وأما بغض قريش له فعلى من تنقم؟ أعلى الله حين بعث فيهم نبيا، أم على نبيه حين أدى فيهم الرسالة، أم على علي حين قاتلهم في سبيل الله؟ فقال عمر: يا ابن عباس! أنت تغرف من بحر وتنحت من صخر (1).