فلعمري لقد ابتلي فصبر، وأنعم عليه فشكر، وما نكث بيعة بعد تأكيدها، ولا كان جبانا ولا فرارا. فقال ابن الزبير: ويحك تعير الزبير بالجبن (1).
فقال ابن عباس: والله لقد فر وما كر، وبايع فما بر، وحارب فما ضر، وما كان إلا كالهجين أمامه * جياد تجارى ناجيات فاجهدا فأدرك منها مثل ما كان أهله * وقصر عن جري الكرام وبلدا (2) [43 أ] أحمد بن السرى البزاز قال: حدثنا الرياشي قال: وقع إلى الحرمازي (3) قرطاس (4) فيه أن ابن صفوان قال لابن الزبير: هذا عبد الله ابن عباس يعلم الناس الفقه وهذا عبيد الله يطعم الناس فما تركا لك؟ فقال ابن عباس: ويحك يا ابن الزبير! ما يأتينا إلا طالب دين أو طالب دنيا.
وقال أبو الطفيل عامر بن وائلة (5):
لا در در الليالي كيف تضحكنا * منها أحاديث أيام وتبكينا (6) ومثل ما تحدث الأيام من غير * وابن الزبير عن الدنيا يلهينا (7) كنا نجئ ابن عباس فيقبسنا * علما ويكسبنا خيرا (8) ويهدينا