يا أمه! ما يحضرني لك الكثير، ولا أرضى لك بالقليل، وأنا على سفر فاقبلي ما حضر وتفضلي بالعذر، ثم دعا مولى له فقال: ادفع إليها ما بقي معك من النفقة، وخذي هذا البعير والعبد فبيعيهما وارتفقي بثمنهما. قالت:
يا ابن أم! آجرك الله في الآخرة غير معجل على البر والصلة، آجرك الله وأعلى في الدنيا كعبك، ورفع فيها ذكرك، وغفر يوم الحساب ذنبك، فأنت كما قالت أم جميل ابنة حرب:
زين العشيرة كلها * في البدو منها والحضر ورث المكارم كلها * وعلا على كل البشر ضخم الدسيعة (1) ماجد * يعطي الكثير بلا ضجر وحدثنا بعض أشياخنا: أن الامام إبراهيم بن محمد قدم المدينة حاجا (2) [187 ب] فأتاه الناس ولم يأته ابن هرمة (3)، فسأل عنه، فقيل: هو متوار من الدين، فأرسل إليه، فأتاه ابن هرمة، فسلم عليه وساءله وحادثه ثم أنشده قصيدته التي يقول فيها:
جزى الله إبراهيم عن جل قومه * رشادا بكفيه ومن شاء أرشدا (4) أغر كضوء البدر يستمطر الندى * ويهتاش (5) مرتاحا إذا هو أنفدا