هو والله لا يعطيك إلا السيف حتى يغلب بباطله حقك. قال علي: وكيف ذلك؟ قال: لأنك اليوم تطاع وتعصى غدا، وإنه يطاع فلا يعصى. فلما انتشر على (1) علي أصحابه، وابن عباس بالبصرة، قال: لله در ابن عباس إنه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق.
الجهني قال: شهدت الحكمين بدومة الجندل، وقد اعتزلت الفتنة في ناس من القراء، فقال لي أصحابي: لو أتيت هذين الرجلين، فخبرت ما قبلهما، ولمن يبايعان، وعلى من يجتمعان (2)، وذلك بعد ما طال مقامهما، لا يعلم أحد ما يريدان (3)، وإلى من يدعوان (4). فأتيت أبا موسى فوجدته على بغلة بسرج، ووجدته شيخا خلقا عليه ثياب خلقان، فقلت له: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنت من صالحي أصحابه، وقد قاربت الآخرة فما بينك وبين الجنة إلا كلمة محقة أو مبطلة، فانظر أين أنت غدا من الله. قال: أما إني سأدعو إلى رجل لا يختلف فيه اثنان. فقلت:
أما هذا فقد أبان عما في نفسه، فلقيت عمرا، فقلت له مثل ذلك، فقال:
إليك عني، فلست من أهل المشاورة، والله ما ينفعك الحق ولا يضرك الباطل، فإن الظلف لا يجري (5) مع الخف. فانصرفت وأنا أقول: يا لهذا الحي من قريش، والله لكأنما [11 أ] أقفل على قلوبهم بأقفال حديد.