إذا قلت خف الروع، أو قال قائل * أمنت فباب الامن بالخوف يقرع وكتب إلى ابن هبيرة:
أما بعد: فإن أمير المؤمنين ولاك العراق لما أمل من كفايتك، فأخلفت ظنه في أمور منها إبطاؤك عمن استصرخك من أهل طاعته بخراسان، حتى وهنت قوتهم، وقوي عدوهم عليهم، ومنها أخذك أهبة الحصار قبل أوان ذلك حتى أرعبت قلوب من معك، وسهلت عليهم سبل الهزائم، وإنما يكون الحصار بعد طول المنازلة والمحاربة، ومنها [177 ب] إغمادك السيف عن آل المهلب المربضين للفتن ألا تكون سفكت دماءهم، وأبحت حريمهم، ومنها إهمالك أمر جنودك بلا شدة على أهل الريب منهم، وإقامة الحدود فيهم، ومنها تقصيرك في قطع ألسنة من ينطق فيما يكرهه أمير المؤمنين من أهل الشام، وقد رأيت آثار أمير المؤمنين وتنكيله بهم، ومنها اشتمالك على فئ المسلمين يبعثه مزاحم بن زفر يدسسه لك إلى أحبائك بقنسرين، وهذا أعظم قوتك على عدوك. لعمري يا يزيد! لقد تجافى أمير المؤمنين اليوم وقبل اليوم عن أمور أخلفت فيها ظنه، وتبلت بها (1) نبله، أنه وإن (2) تنفس لنا ولك في البقاء فسيعرفك ما ظننت دونه ستورا مرخاة، ثم يكلك إلى نفسك في ذلك، ثم لا تجد (3) أمير المؤمنين يشهد الله عليك وكفى بالله شهيدا.
فإن كانت فلول ابن ضبارة وداود قد تجمعت إليك، وقدم عليك الحوثرة ابن سهيل فيمن معه، فانهض بنفسك للقاء هذا العدو الجاهد عليك، الباسط سيفه إليك وإلى إخوانك، ولا تستبق شيئا من جدك ولا تكن كما قال الأول: