نباتة فيمن معه من أهل الشام، ومن انضاف إليه من عرب خراسان، فقال قحطبة: نبدؤهم بالحجة، فندعوهم، ثم دعا السري الجعفي فقال له:
اخرج إلى هذا الطاغية فقل له: إنا ندعوك إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وإلى الرضا من آل رسوله، لا نستأثر عليك، لك ما لنا وعليك ما علينا، [161 ب] فمضى حتى دنا من صفهم فقال: أتؤمنوني حتى أكلمكم؟
قال: ونباتة يسمع، فقال: أنت آمن فقل ما شئت. فقال السري: هذا الأمير قحطبة يدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه، وإلى الرضا من آل رسوله صلى الله عليه وسلم، على ألا يستأثر عليكم، ولكم ما له، وعليكم ما عليه.
قال نباتة: تعسا لك! ألهذا جئتنا؟ وقال بعض أصحابه: نحن ندعوكم (1) إلى الله، وإلى الخليفة مروان وإلى الرزق والعطاء الجاري، هذا الأمير نباتة صاحب وقعه يوم الأهواز، وله وقائع عظام في أهل الشقاق، قد بسط لكم الأمان، وهو يعرضه عليكم. فانصرف السري فخبر قحطبة، فتهيأ القوم للحملة، فإذا فارس قد أقبل من الميمنة فدنا من قحطبة فقال: أيها الأمير!
ينادي مناديك الساعة في موقفك، وتبعث بذلك إلى الأبواب كلها: إن من دخل داره من أهل جرجان فهو آمن، فإني أرجو أن يرفض عنه (2) كثير من الناس. قال قحطبة: سرك الله وبرك، أصبت وأحسنت، ناد: من دخل داره من أهل جرجان وأغلق بابه فهو آمن. فلما نودي به في كل الأبواب تسلل خلق كثير، ونباتة واقف لم يتحلحل من موضعه. قال:
وأقبل رجل من داخل المدينة فدنا من نباتة فكلمه بشئ فمال (3) إليه برأسه يتفهم كلامه ثم استوى على دابته وكلم إنسانا يليه وعطف [162 أ] بفرسه