وعشرين ومئة، فلم يلبثوا إلا يسيرا حتى مضوا إلى مكة، وشخص معهم (1) أبو سلمة فلقوا إبراهيم ودفعوا إليه مالا كثيرا كانوا قدموا به. فبلغنا أن يحيى بن محمد وهو معه يومئذ فطن لإبراهيم فقال لإبراهيم: والله لئن لم تعني على مؤونتي وتقضي ديني لأرفعن عليك، فقيل: إنه أمر له بخمسة آلاف درهم، وقال للشيعة: احذروه فإن فيه ضعفا شديدا.
وقال بعض من قدم مع بكير في تلك الدفعة لإبراهيم: حتى متى تأكل الطير لحوم أهل بيتك وتسفك دماؤهم! تركنا زيدا مصلوبا بالكناسة وابنه مطردا (2) في البلاد، وقد شملكم الخوف وطالت عليكم مدة أهل بيت السوء.
فقال لهم: لسنا نعدو ما جرى به القضاء علينا في الذكر الحكيم وقد أظلتكم رحمة الله فابشروا بنصره (3)، فأما ما سامتنا به بنو أمية وركبونا فسيدال عليهم مثلا بمثل، والله لتقتلن بنو أمية قتلا ذريعا، وليصلبن صلبا فظيعا وليسلبنهم الله ملكهم سلبا وحيا (4)، إنما بقيت من مدتهم سنيات كنوم الحالم، يقتل فاسقهم هذا، ولا يمتع قاتله بالامر بعده إلا يسيرا حتى [115 ب] يموت، ثم يثب على أمرهم الفظ منهم فيبتزهم أمرهم فعند ذلك يقع الاختلاف بينهم وتنتقض البلاد عليهم. فقال له أبو هاشم: كنا نقول:
إن وقت ظهور الدعوة في سنة ثلاثين ومئة. قال إبراهيم: هو ذاك، ولن تتركوا (5) حتى تخرجوا قبلها، وكل ما هو آت قريب، وأمر (6) القوم بالانصراف فانصرفوا، وصدر معهم بأبي هاشم بكير بن ماهان وبأبي سلمة إلى منزله من الشراة، ومضى أهل خراسان، فلما قدموها لقوا إخوانهم فخبروهم