وقنسرين والجزيرة. فسار إلى الجزيرة يوم الخميس للنصف من شعبان سنة ثمان عشرة في خمسة آلاف، وعلى مقدمته ميسرة بن مسروق العبسي، وعلى ميمنته سعيد بن عامر بن حذيم الجمحي، وعلى ميسرته صفوان بن المعطل السلمي.
وكان خالد بن الوليد على ميسرته. ويقال إن خالدا لم يسر تحت لواء أحد بعد (ص 172) أبى عبيدة ولزم حمص حتى توفى بها سنة إحدى وعشرين، وأوصى إلى عمر. وبعضهم يزعم أنه مات بالمدينة، وموته بحمص أثبت.
457 - قالوا: فانتهت طليعة عياض إلى الرقة فأغاروا على حاضر كان حولها للعرب وعلى قوم من الفلاحين فأصابوا مغنما، وهرب من نجا من أولئك فدخلوا مدينة الرقة. وأقبل عياض في عسكره حتى نزل باب الرها، وهو أحد أبوابها، في تعبئة. فرمى المسلمون ساعة حتى جرح بعضهم. ثم إنه تأخر عنهم لئلا تبلغه حجارتهم وسهامهم، وركب فطاف حول المدينة ووضع على أبوابها روابط، ثم رجع إلى عسكره وبث السرايا. فجعلوا يأتون بالأسرى من القرى وبالأطعمة الكثيرة، وكانت الزروع مستحصدة. فلما مضت خمسة أيام أو ستة وهم على ذلك أرسل بطريق المدينة إلى عياض يطلب الأمان. فصالحه عياض على أن أمن جميع أهلها على أنفسهم وذراريهم وأموالهم ومدينتهم. وقال عياض:
الأرض لنا قد وطئناها وأحرزناها، فأقرها في أيديهم على الخراج ودفع منها ما لم يرده أهل الذمة ورفضوه إلى المسلمين على العشر، ووضع الجزية على رقابهم فألزم كل رجل منهم دينارا في كل سنة، وأخرج النساء والصبيان، ووظف عليهم مع الدينار أقفزة من قمح وشيئا من زيت وخل وعسل، فلما ولى معاوية جعل ذلك جزية عليها، ثم إنهم فتحوا أبواب المدينة وأقاموا للمسلمين سوقا على باب الرها، فكتب لهم عياض: