حاضر حلب يجمع أصنافا من العرب من تنوح وغيرهم. فصالحهم أبو عبيدة على الجزية. ثم إنهم أسلموا بعد ذلك فكانوا مقيمين وأعقابهم به إلى بعيد وفاة أمير المؤمنين الرشيد. ثم إن أهل ذلك الحاضر حاربوا أهل مدينة حلب وأرادوا إخراجهم عنها، فكتب الهاشميون من أهلها إلى جميع من حولهم من قبائل العرب يستنجدونهم. فكان أسبقهم إلى إنجادهم وإغاثتهم العباس بن زفر ابن عاصم الهلالي بالخؤولة، لان أم عبد الله بن (ص 145) العباس لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهزم الهلالية. فلم يكن لأهل ذلك الحاضر به وبمن معه طاقة، فأجلوهم عن حاضرهم وأخربوه. وذلك في أيام فتنة محمد بن الرشيد.
فانتقلوا إلى قنسرين فتلقاهم أهلها بالأطعمة والكسى. فلما دخلوها أرادوا التغلب عليها فأخرجوهم عنها فتفرقوا في البلاد، فمنهم قوم بتكريت قد رأيتهم، ومنهم قوم بأرمينية وفى بلدان كثيرة متباينة.
393 - وأخبرني أمير المؤمنين المتوكل رحمه الله قال: سمعت شيخا من مشايخ بنى صالح بن علي بن عبد الله بن عباس يحدث أمير المؤمنين المعتصم بالله رحمه الله سنة غزا عمورية قال: لما ورد العباس بن زفر الهلالي حلب لإغاثة الهاشميين ناداه نسوة منهم: يا خال! نحن بالله ثم بك. فقال: لا خوف عليكم إن شاء الله، خذلني الله إن خذلتكم.
قال: وكان حيار بنى القعقاع بلدا معروفا قبل الاسلام، وبه كان مقيل المنذر بن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة. فنزله بنو القعقاع بن خليد بن جزء بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن الحارث بن قطيعة بن عبس بن بغيض، أوطنوه فنسب إليهم.
وكان عبد الملك بن مروان أقطع القعقاع به قطيعة، وأقطع عمه العباس ابن جزء بن الحارث قطائع أوغرها له إلى اليمن فأوغرت بعده. وكانت