وحمض اللبن ولوى العود فحي على فسطاطكم خطبة عمرو بن العاص حدثنا سعيد بن ميسرة عن إسحاق بن الفرات عن ابن لهيعة عن الأسود بن ملك الحميري عن بحير بن ذاخر المعافري قال رحت أنا ووالدي إلى صلاة الجمعة تهجيرا وذلك آخر الشتاء أظنه بعد حميم النصارى بأيام يسيرة فأطلنا الركوع إذ أقبل رجال بأيديهم السياط يزجرون الناس فذعرت فقلت يا أبت من هؤلاء قال يا بني هؤلاء الشرط فأقام المؤذنون للصلاة فقام عمرو بن العاص على المنبر فرأيت رجلا ربعة قصد القامة وافر الهامة أدعج أبلج عليه ثياب موشية كأن به العقيان تأتلق عليه حلة وعمامة وجبة فحمد الله وأثنى عليه حمدا موجزا وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ووعظ الناس وأمرهم ونهاهم فسمعته يحض على الزكاة وصلة الأرحام ويأمر بالاقتصاد وينهى عن الفضول وكثرة العيال وقال في ذلك يا معشر الناس إياي وخلالا أربعا فإنها تدعو إلى النصب بعد الراحة وإلى الضيق بعد السعة وإلى المذلة بعد العزة إياي وكثرة العيال وإخفاض الحال وتضييع المال والقيل بعد القال في غير درك ولا نوال ثم إنه لا بد من فراغ يؤول إليه المرء في توديع جسمه والتدبير لشأنه وتخليته بين نفسه وبين شهواتها ومن صار إلى ذلك فليأخذ
(٢٤٨)