العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٨٦
وأمهاتنا وأنفسنا وأموالنا. قالوا: فتعجب الناس من كلام أبى بكر وبكائه وقالوا: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل!
قالوا: وكان أبو بكر أعلمنا (1) برسول الله.
ولو لم يكن من صواب رأيه وصحة فراسته. وتوفيق الله إياه إلا توليته خالد بن الوليد حرب مسيلمة وطليحة وأهل الردة، وقد عوتب فيه من كل جانب - وعمر تناوله - وهو يقول: لا أشيم سيفا سله الله على أعدائه ثم اختياره عمر وفراسته فيه، حيث جعل له الامر من بعده، وعوتب فيه ونوزع في أمره.
وكذلك قال عبد الله بن مسعود، الذي قال فيه النبي صلى الله عليه " رضيت لأمتي ما رضى لها ابن أم عبد، وكرهت لها ما كره لها ابن أم عبد " قال: أفرس الناس ثلاثة: المرأة التي جاءت على استحياء حين قالت لأبيها في موسى: " يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين " وامرأة العزيز، وأبو بكر في عمر.
فهل رأيته ضام قوما قط وجامعهم (2) فكان لهم الرأي دونه، وهل عوتب في شئ قط إلا والصواب ما عمل به دون رأى المعاتب له. وهل أشير عليه برأي قط إلا وهو المصيب دون المشيرين عليه!؟
فأي فقه وأي علم أصلح وأي مذهب أحمد مما عددنا وكثرنا.
ثم أنتم لا تستطيعون أن تخبروا عن علي بن أبي طالب بموقف واحد من هذه الآراء، وكلمة واحدة من هذا الكلام ومن الصواب الذي حكينا

(1) في الأصل: " وكان أبو علمنا ". وانظر صفة الصفوة 1: 91.
(2) في الأصل: " وجاء معهم ".
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»