العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٥٠
النبي قالها بعيد إسلامه دليل، فأعدل الأمور وأنصفها بينكم وبينهم أن تجعلوا الخبر في النصف مما بين إسلامه إلى وفاة النبي صلى الله عليه.
فإذا كان ذلك كذلك فقد صار الزبير وطلحة وأبو دجانة ومحمد بن مسلمة وابن عفراء أفضل منه *)، لان الفضل في احتمال المكروه.
وقد لزمكم أن تزعموا أن النبي صلى الله عليه قال هذا الكلام لعلى قبل وقعة بدر، وأنتم إنما تفخرون بوقعة بدر وقتاله بعد ذلك. فما عسى يبلغ من قتال رجل قد وثق بالسلامة والبقاء إلى أن يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بدهر.
فإذا كان رئيس الجيش أعظم غناء وأشد احتمالا، للذي وصفنا، فأشبه القوم حالا به أعظم غناء وأشدهم احتمالا، على قياس في الرئيس والكثير المشي بالسيف، ولا أحد أشبه بالرئيس ممن اختاره الرئيس وزيرا وصاحبا، ومكانفا ومعينا، لان الرجل إذا كان في رأى العين صاحب أمر الرئيس والمتولى على الخاصة والقربة منه في ظعنه ومقامه، وخلواته، وهربه واستخفائه، وكان هو المبتدئ بالكلام عنده، والمفزع في الحوائج بعده والثاني في الدعاء إلى الله ودينه، ولا نعلم هذه الخصال اجتمعت في غير أبى بكر الصديق رضي الله عنه، لأنه صاحبه في كتاب الله سبحانه،

(1) *) الكلام من قوله: " ووجه آخر " في ص 49 س 5 إلى هنا قد أوجزه الإسكافي على هذا الوجه عند ابن أبي الحديد (3: 279): " قال الجاحظ: ووجه آخر أن عليا لو كان كما يزعم شيعته ما كان له بقتل الاقران كبير فضيلة ولا عظيم طاعة، لأنه قد روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال له: ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين.
فإذا كان قد وعده بالبقاء بعده فقد وثق بالسلامة من الاقران، وعلم أنه منصور عليهم وقاتلهم، فعلى هذا يكون جهاد طلحة والزبير أعظم طاعة منه " ورد عليه بالرد رقم (22).
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»