العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٦١
وكيف يظن هذا بأبي حذيفة ولم يرو عنه في كراهية على حرف قط، ولا قبض لذلك وجها ولا أظهر تعجبا؟!
وكيف يظن هذا بالبدريين والمهاجرين الأولين ومنع على القيام بأمر الناس على هذا الوجه وعلى هذا المعنى كفر بالله ورسوله. وكيف يضطغن امرؤ على على ويسلم قلبه لرسول الله صلى الله عليه؟! لأنه إن كان يعتد صنيع على ذنبا حتى يولد له حقدا والذي تفرد (1) على بذلك أعظم ذنبا وأجدر أن يولد حقدا. وهذا أفخش قبحا، وأبين خطأ من أن يحوجنا إلى (2) كشفه وتبيينه.
وكيف يجوز هذا على أبى حذيفة ولا نعلم رجلا في الأرض أبعد من حمية الجاهلية منه. ولا أسمح نفسا بما وافق كتاب الله منه. ولقد بلغ من إخلاصه ورسوخ الاسلام في قلبه. وحبه عليه وبغضته فيه أن طرح كل ما سواه، وأخرجه ذلك إلى أن زوج أخته فاطمة بنت عتبة ابن عبد شمس (3)، من سالم مولى أبى حذيفة، وقال له: والله إني لأزوجكها وأعلم أنك خير منها!! فعاتبه على ذلك بعض من نكره ذكره فقال: أفى سالم تعاتبني وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أراد أن ينظر إلى رجل يحب الله بكل قلبه فلينظر إلى سالم.

(1) كذا وردت هذه العبارة.
(2) في الأصل: " على ".
(3) هذا اختصار في النسب، وإنما هي فاطمة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس. على أن في الكلام خطأ تاريخيا، فإن أبا حذيفة إنما زوج سالما ابنة أخيه فاطمة الوليد بن عتبة، كما في ترجمة سالم في الإصابة 3046 وترجمة فاطمة في الإصابة 852 من قسم النساء، وكان أبو حذيفة قد تبنى سالما يرى أنه ابنه. وأما فاطمة بنت عتبة أخت أبى حذيفة بن عتبة فهي عمتها.
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»