العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٤١
على إذا كان قد بايع وليس على رأسه سيف ولا سوط، فحكمه حكم الراضي المسلم.
قالوا: قد كان هناك إكراه ظاهر، ولكن الناس تكاتموه وأخفوه فيما بيننا وبينهم، إذ كان الجمهور الأكبر معهم.
فإن قلت: قد صدقناكم في قولكم إنه قد كان في تقية من أبى بكر وعمر وعثمان، رأيتم أيام سلطان نفسه ومعه مائة ألف سيف تطيعه وأهل الأرض كلهم رعيته ما خلا الشام، لم كان يظهر تزكية أبى بكر وعمر على منبره وفى مجلسه؟
قالوا: للتقية من رعيته، إذ كان أكثرهم على هواهم وطاعتهم.
قلنا: قد عرفنا أن تركه لعنهم والبراءة منهم والاخبار عن استبدادهم وظلمهم، على التقية، فما حمله على تزكيتهم والاخبار عن محاسنهم، والرواية الحسنة فيهم. وقد كان له في السكوت سعة، وعن الكلام مندوحة؟! ولقد تعدى في مديح أبى بكر وعمر حتى قال لابن طلحة: " إني لأرجو أن أكون أنا وأبوك ممن قال الله: " إخوانا على سرر متقابلين ".
وإن قلنا: إن في تسميته بنيه بأسمائهم دليل على تعظيمه لهم.
قالوا: لأنه قد كان علم أن شيعته سيحتاجون في آخر الزمان إلى الترحم على أبى بكر وعمر وعثمان، تقية من شيعتهم، فسمى بنيه بأسمائهم، حتى يكون ذلك الترحم واقعا عليهم. ولان ينصب لهم من إذا قصدوا إليه بالترحم أصابوا الحق ولم يحتاجوا إلى الالطاط (1).

(1) الالطاط: الدفاع، والاشتداد في الخصومة.
(٢٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 ... » »»