العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٣٣
الله عليه وبعد وفاته، كما حكينا لك قبل هذا. ولم نجد ذكر أبى بكر وعمر في موضع قط إلا وأبو بكر المقدم عليه، مع مقامات لأبي بكر شريفة ليس لعمر فيها ذكر.
فبين أن يكون أبو بكر يأمرهم بذلك أمرا أو يطلب إليهم طلبا، وبين أن يجعله إليهم فيكونوا الطالبين له والراغبين إليه، وليكون ذلك من تلقائهم وطيب أنفسهم، فرق عظيم.
وأية بيعة أثبت من بيعة عقدها عمر والنبي يقول: " ضرب بالحق على لسانه " و " الشيطان يفرق من حسه (1) " واللهم أعز الاسلام بعمر "؟! وأية بيعة أثبت من بيعة عقدها أبو عبيدة والنبي يقول: " لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح ".
وأية بيعة أثبت من بيعة عقدها عبد الرحمن بن عوف وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم " الأمين (2) " فإذا كان أمين رسول الله صلى الله عليه في أمته، والفاروق الذي فرق الله به بين الحق والباطل، حيث قال: " لا يعبد الله سرا بعد اليوم " قد عقدا بيعته وأكدا أمره (3) فما عسى أن يبلغ قول قائل؟! ولو كان ذلك عن مواطأة من

(1) في الرياض النضرة 1: 208 في حديث المرأة الأنصارية: " فقامت بالدف على رأس النبي صلى الله عليه وسلم فنقرت نقرتين أو ثلاثا، فاستفتح عمر فسقط الدف من يدها وأسرعت إلى خدر عائشة. فقالت لها عائشة: مالك؟ قالت: سمعت صوت عمر فهبته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان ليفر من حس عمر ".
(2) انظر السيرة 410 جوتنجن، لقول رسول الله في شأنه: " ائتوني العشية أبعث معكم القوى الأمين ". وفى الرياض النضرة 2: 308: " إن لكل أمة أمينا وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح. أخرجه البخاري ومسلم. وأخرجه الترمذي وأبو حاتم، ولفظهما لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة... ".
(3) في الأصل: " عقد بيعته وأكد أمره " وإنما هما أبو عبيدة الأمين، وعمر الفاروق.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»