العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٢٢
وإنما أتى أبو بكر الأنصار واعظا ومحتجا، ومسكنا ومصلحا بألين الكلام وأحسن الهدى، لم يحمل سوطا ولا سيفا، ولم يظهر معازة ولا أراد المغالبة (1). فما وجه خروج الزبير بسيفه شادا نحوه؟! بل كان أشبه الأمور بالزبير وأولاها به، والذي يجب علينا أن نظنه به، أن يقوم محتجا ومصلحا. فإذا أبان عن حجته وأعذر في موعظته فلم ير ذلك ناجعا (2) ولا مقبولا، ورأى شيئا يجوز به حمل السيف والشد به، كان من وراء ذلك.
وكيف علمتم أن الزبير إنما سل سيفه ليؤكد لعلى إمامته أو ليوطئ له خلافته؟! ولعله إنما أراد الامر لنفسه دون غيره. ولعله إنما غضب لصرف الامر من خاله وكبيره وشيخه العباس بن عبد المطلب فكيف علمتم أنه إنما أراد صرفها عن أبي بكر خاصة؟! وكيف يشد على رجل لم يقل بايعوني ولا أظهر الحرص عليها، وإنما كره أن يبقى الناس نشرا، وعلم أن على الأنصار أن يسمعوا للمهاجرين. وقد قال للناس: " بايعوا أي هذين شئتم " يعنى أبا عبيدة وعمر، إلا أن يكون الزبير قال: ولم كنت أنت المحتج على الأنصار والمعرف لهم فضل المهاجرين عليهم دون على.
ويقال لهم عند ذلك: أما بادي الرأي والذي لا نشك فيه نحن ولا أحد ممن خالفنا، فالذي كان من مناصبة الزبير لعلى ومحاربته له دون الإمامة، وزعمه أنه أفضل منه وأولى بها منه، ولو جعلها شورى لفرعه وبرز عليه.

(1) في الأصل: " معارة إلا أراد المغالبة ". والمعازة: المغالبة في العزة.
(2) في الأصل: " فاجعا ".
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»