بالناس في مقامه إلى أن يختار المسلمون رجلا، دليل على ما قلنا.
وصهيب مولى لعبد الله بن جدعان.
والدليل على أن صهيبا رجل من العجم قول رسول الله صلى الله عليه:
" بلال سابق الحبشة. وسلمان سابق فارس، وصهيب سابق الروم ".
وهذا حديث لم يختلف فيه فقيهان.
وفى خروج آذنه وحاجبه يوما إلى الناس، وقريش والعرب جلوس ببابه ينتظرون إذنه، فيهم أبو سفيان بن حرب، وسهيل بن عمرو، وحكيم ابن حزام. والأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، فنادى بأعلى صوته:
أين عمار؟ أين بلال؟ أين صهيب؟ أين سلمان؟ فينهضون مكرمين ومفضلين.
وعلى الناس مقدمين، وتلك الجلة وتلك السادة جلوس لا ينطقون ولا ينكرون، فلما كثر ذلك عليهم تمعرت وجوههم، وامتقعت ألوانهم، فأبصرهم سهيل فعرف ما قد أصابهم ونزل بهم. وكان حليما خطيبا فقال:
لم تتمعر وجوهكم وتتغير ألوانكم، ولا ترجعون باللائمة على أنفسكم؟!
دعينا ودعوا، فأبطأنا وأسرعوا، ولئن حسدتموهم على باب عمر للذي أعد الله لهم في الجنة أفضل (1)!
ثم الدليل الذي ليس فوقه دليل، قوله وعنده أصحاب الشورى وكبار المهاجرين وجلة الأنصار، وعلية العرب، وهو موف على قبره ينتظر خروج نفسه: " لو كان سالم حيا ما تخالجني فيه الشك ". وسالم مولى امرأة من الأنصار، وكان حليفا لأبي حذيفة بن عتبة بمكة. فلذلك كان يقال:
مولى أبى حذيفة، لان حليف الرجل مولاه.