العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٢٣
ثم الذي لا يشك الناس فيه من طاعته لعمر، وإنما عمر شعبة من شعب أبى بكر. ولقد بلغ من تعظيمه لعمر وطاعته له وإكباره لقدره، أنه محا نفسه من الديوان لما قتل عمر تسلبا عليه (1)، ورفعا لقدره أن بلى منه من الاعطاء والمنع أحد كما كان يليه منه عمر. كما محا نفسه من الديوان حكيم بن حزام لما توفى النبي صلى الله عليه. وكذلك محا نفسه من الديوان عبد الله بن الزبير حين قتل عثمان.
ولقد بلغ من طاعته لعمر أنه بعثه مددا لعمرو بن العاص، فجعل عمرا الأمير عليه ينفذ لامره ويصلى بصلاته.
والذي يدلك على انبتاته (2) في هوى أبى بكر، وانقطاعه، إليه بمودته، الخاصة التي كانت بين أبى بكر وبينه. وذلك أن عبد الله بن مسعود أوصى إليه حين مات. وعبد الله عمري محض، وهو القائل في عثمان حين برز على الشورى: " ما ألونا أن جعلناها [في أعلا] نا ذا فوق (3) فإذا كان هذا قوله في عثمان وعلى فما ظنك به في أبى بكر وعمر (4) ".
ثم أوصى إليه عثمان بن عفان [و] هو أصل العمرية والعثمانية، والمباينة لعلى وشيعته عندهم. وأوصى إليه عبد الرحمن بن عوف، وهو المختار

(1) التسلب: الاحداد. (2) في الأصل: " انبثاثه ".
(3) في الأصل: " نادى فوق " والتكملة والتصحيح مما سيأتي مما سأنبه عليه. ومما اشتضأت به من اللسان، ففيه مادة (فوق 195): " وفى حديث ابن مسعود: اجتمعنا فأمرنا عثمان ولم نأل عن خيرنا ذا فوق " أي خيرنا سهما في الاسلام والسابقة والفضل. ذو الفوق.
بضم الفاء، هو السهم، وفوقه: موضع الوتر منه.
(4) في الأصل: " وعلى ".
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»