العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٧٦
وكما قال الشعبي: من حدثك أنه شهد الجمل ممن شهد بدرا أكثر من أربعة نفر فكذبه. كان على وعمار في ناحية، وطلحة والزبير في ناحية.
وقد تعلمون أنه لم يكن في الأرض عثماني إلا تعلمون أنه منكر لامامته. وهم أكثر عددا وأكثرهم فقيها ومحدثا. ولقد كان الرجل من أصحاب الآثار يظن به التشيع فيترك ويضعف ويتهم عند أهل العلم.
حتى أنه كان يطويه ويستره أكثر مما يستر السوء يكون بجلده.
فلو كان الفاضل الكامل تنتقض إمامته وتفسد عدالته من قبل خلاف أربعة أو خمسة، لما كان في الأرض أشد انتقاصا من إمامة على.
وأما قولكم: إن الأنصار قالت لقريش والمهاجرين: منا أمير ومنكم أمير! فهذا إلى أن يكون حجة عليكم أقرب، لان النبي صلى الله عليه وعلى آله لو كان أقام عليا وجعله خليفة ووصيا ونص على ذلك بغدير خم، أو في بعض المغازي، ما كان بلغ من حربهم (1) وعنودهم أن يقولوا هذا الكلام والامام قائم الحجة، معروف المكان.
وكيف حاز أن يلغوا ذكره حتى لا يذكرونه في شئ من مخاطباتهم ومنازعاتهم، إلا والقوم لم يكن عندهم فيه عهد ولا سبب. فهذه حجة قاطعة.
وأخرى: الذي رأينا من قلة مبالاتهم من أقامه المهاجرون كائنا من كان، لان قولهم: منا أمير ومنكم أمير، قول قوم كأنهم قالوا:

(1) الحرب، بالتحريك: الخصومة والغضب.
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»