العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٦١
يوافق هواه، ويدعى ما وافق هواه وإن كان باطلا، بل لا يرضى حتى يتقول الزور ويولد الباطل.
وليس شئ أيسر من أن يقول قائل: إن النبي صلى الله عليه لما آخى بين أصحابه آخى بين نفسه وبين أبى بكر. ولكن الحق أحق ما خضع له واحتمل ما فيه. وهذه الفقهاء وأصحاب الآثار عرضة لكم، فإن لم يقولوا إن النبي صلى الله عليه لما آخى بين المهاجرين والأنصار آخى بين على وسهل بن حنيف فنحن أولى بجحد المعروف منكم.
وقد قال الله: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (1) ".
وأنتم لستم (2) أصحاب آثار، فاسألوا أصحاب الآثار إن كنتم لا تعلمون، فإن ذلك أمر مشهور لا خفاء به، ولا دافع له، أعنى المؤاخاة بين على وسهل بن حنيف.
ولثقة على به استعمله على المدينة حين خرج عنها. ومن أجل سهل بن حنيف امتنع الزبير وطلحة أن يركبوا عثمان بن حنيف والى على على البصرة بأكثر مما كانوا ركبوه به. ولذلك السبب صلى أبو أمامة بن سهل بن حنيف بالناس في مسجد الرسول صلى الله عليه وعثمان محاصر، لرأى على كان في ذلك، ولغلبته على الدار، وأنه كان يطاع بأكثر من طاعة الزبير وطلحة وسعد.
وإنما آخى النبي صلى الله عليه بينه وبين سهل بن حنيف الأنصاري كما كان آخى بين عثمان بن عفان وأوس بن ثابت (3). ولذلك قال

(1) الآية 43 من سورة النحل.
(2) في الأصل: " ليس ".
(3) هو أخو حسان بن ثابت.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»