العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٤٦
مولى النعمة، وليس في هذا إخبار عن فضل على في الدين.
ولو كان النبي صلى الله عليه قال كما زعمت الروافض: " اللهم عاد من عاداه ووال من والاه " كان هذا القول يدل على أن زيدا قد أتى جرما عظيما، فلم (1) يكن ليتخطى دعاء النبي صلى الله عليه على من عادى عليا إلى غيره إلا بعد وقوعه به. لان زيدا هو المشتكى، ومن أجل صنيعه خرج النبي صلى الله عليه إلى مثل هذا القول الشديد، وهذا الدعاء القاصم، ومن قوله ومذهبه غضب عليه، وعليه نص وإياه عنى.
وإنما يقول هذا ويجوزه من لا علم له بقدر زيد عند النبي صلى الله عليه. أو ما علمت أن زيدا أحد من روى الناس عنه ونقلوا أنه كان أقدم الناس إسلاما. وقد دللنا على فضيلة إسلامه على إسلام على في صدر كتابنا. في كلام العثمانية (2).
وقد بلغ من قدره عند النبي صلى الله عليه وتفضيله إياه أنه لم يكن في سرية قط إلا كان أميرها، ولا أقام ببلاد إلا وهو أميرها.
ويدلك على ذلك أن النبي صلى الله عليه أمره على جعفر الطيار، وعقد له يوم مؤنة، ثم عقد لابنه أسامة على كبار المهاجرين والأنصار، منهم عمر بن الخطاب، وسعيد بن زيد، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد ابن أبي وقاص. حتى قال رجال من المهاجرين - وكان أشدهم في ذلك عياش بن أبي ربيعة (3) -: يولى علينا هذا الغلام! فغضب عمر ورد

(١) في الأصل: " ولم " (٢) انظر ما سبق في ص ٢٢ - ٢٤.
(٣) في الأصل: " عباس بن أبي ربيعة: " تحريف. الإصابة ٦١١٨ وإمتاع الاسماع ٥٣٧ وفتح الباري ٧: ٦٩ / 8: 115 - 116.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»