ثم الذي كان من منازعة سعد بن أبي وقاص لعلى، وتركه بيعته ودعائه له إلى وضع الشورى، والتخاير بالاعمال والجزء (1) فلم تجدوا أحدا من الناس يقول من وراء سعد أو في وجهه: ولم تخايرك وقد اختاره الرسول دونك.
وقد كان ينبغي لأصحاب على ومن معه من المهاجرين والبدريين وسائر الصحابة والتابعين، ألا يمسكوا عن ذكر هذه الحجة وإن أمسك عنها الناس وأضاعوها، وعاندوا أو غلطوا فيها. ولم نعلم هذا وأشباهه إلا دليلا قاطعا لمن لم يمنع قلبه معرفة الحق ولسانه الاقرار به، في محاربة طلحة والزبير وعائشة وعلى، وما أراقوا من الدماء. ولم يقل واحد من الناس: ولم تقاتلون رجلا (2) أو تطلبون مخايرته وقد نصبه النبي صلى الله عليه وفسر أمره، وبين شأنه. [وهذا] دليل على ما قلنا، وبرهان لما ادعينا.
ولقد قال رجل لعمر بن علي: خبرني عن وصية رسول الله صلى الله عليه إلى أبيك. قال: والله إن هذا الكلام ما سمعت به قط إلا الساعة.
وقد تعلمون أن الأمة كلها مع اختلاف أهوائها ونحلها، لا تعرف مما تدعون من أمر النص والوصية قليلا ولا كثيرا، وإنما هذه دعوى مقصورة فيكم، لا يعرفها سواكم. وإن أشد الناس عليكم في الوصية