العثمانية - الجاحظ - الصفحة ٢٠٩
لكي لا يتكل أحد ظالم بعده على قرابته، ولا يغتر بأن يكون ابن نبي، ولذلك أرسل الكلام على مخرج العموم. ولم يخرجه ذلك المخرج إلا وذلك إرادته.
فإن قالوا: إنه لم يكن لصلبه، ولو كان لصلبه لنفعه ذلك عنده.
قلنا: إنه ليس لأحد سمع الله يقول: " واتل عليهم نبأ ابني آدم " أن يجعلهما من عرض بني آدم بعد سبعين قرنا إلا بحجة.
وإن لم تكن له في ذلك حجة فليس له أن يزيل معنى ابن عن أصله (1)، لان الأصل المستعمل الموضوع أن يكون الابن للصلب، فإنما جاز أن يقال لابن الابن على التشبيه بالابن، [و] على الحمل عليه.
وكذلك الابن الذي هو على التبني والتربية، لان رجلا لو قال:
أتاني فلان بن فلان، لم يكن لاحد أن يقول: إنه لم يعن ابنه وربيبه، إلا بحجة، وإلا فالكلام موضوع على أصله وعلى المستعمل المعروف منه.
ثم صنيع الله بابن نوح. وهو كما علمت من أعظم الأنبياء قدرا ومنزلة ومكانا، حين عصى فيمن عصى، كيف غرقه فيمن غرق (2) ممن لا قرابة له ولا ولادة.
فإن قالوا: إنه لم يكن ابنه، لان (3) الله قال: " إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح (4) "، وذكر امرأة نوح وامرأة لوط فقال:

(1) في الأصل: " عن صلبه ".
(2) في الأصل: " كيف عرفه فيمن عرف ".
(3) في الأصل: " إلا أن ".
(4) الآية 46 من سورة هود.
(٢٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 ... » »»