وأن بمصر مدينتين كما بلغني أحداهما يقال لها أهناس قريبة من مصر والثانية يقال لها البهنسا أمنع وأحصن وبلغني أن بها بطريقا طاغيا سفاكا للدماء يقال له البطليوس وهو أعظم بطارقة مصر كما بلغني وانه ملك والواحات فلا تقربوا الصعيد حتى تفتحوا هاتين المدينتين وعليك بتقوى الله في السر والعلانية أنت ومن معك وأنصف المظلوم من الظالم وأمر بالمعروف وانه عن المنكر وخذ حق الضعيف من القوي ولا تأخذك في الله لومة لائم وأقم أنت بمصر وأرسل الأجناد وان احتجت إلى مدد فأرسل وكاتبني وأنا ارسل لك المدد والمعونة من الله عز وجل وأسأل الله تعالى أن يكون لكم بالنصر والمعونة والفتح والحمد لله رب العالمين ثم طوى الكتاب وختمه بخاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفعه إلى سالم فاخذه وودع الصحابة وودع قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن توضأ وصلى ركعتين وسار ولم يزل سائرا حتى قدم مصر فوجد عمرا والصحابة نازلين بأرض الجيزة وكان زمن الربيع وهو جالس في خيمته وأصحابه عنده وهذه الخيمة كانت لملك القبط من الحرير الأزرق والأحمر والأصفر سعتها ثلاثون ذراعا وقد فرش فيها فرشا كان للقبط وهو جالس يتحدث مع المقداد وخالد والفضل وغانم والامراء جميعهم رضي الله عنهم وهو كأحدهم قال سالم فانخت ناقتي فسمعت عمرا يقول وأنا خلف الخيمة قد أبطا سالم فقال خالد كأنك به وقد أقبل فهويت فأحس خالد بي من داخل الخيمة ولم يرني بعينه ولا غيره ولا علم بي فقال سالم فقلت لبيك يا أبا أبا سليمان فقال مرحبا بك يا سالم وحياك الله ثم تقدمت وسلمت على عمرو وخالد وعلى بقية الامراء ثم ناولته الكتاب فقرأه إلى آخره وفهم ما فيه فلما سمع الامراء ما فيه فرحوا بذلك فرحا شديدا ثم إن عمرا استشار الامراء في ذلك وكانوا لا يفعلون شيئا الا بمشورة بعضهم ولذلك مدحهم الله في كتابه العزيز بقوله عز وجل * (وأمرهم شورى بينهم) * فأشاروا عليه أن يرسل خلف الامراء والجنود المتفرقة في البحيرة شرقا وغربا وأن يرتب الجيوش ويقصدوا الصعيد ويتوكلوا على الله عز وجل قال الواقدي وكانت الصحابة لما فتحت مصر والوجه البحري قد تفرقوا فمنهم في الإسكندرية وأمسوس ودمياط ورشيد وبلبيس وكان أكثرهم بوسط البحيرة في المكان المعروف بالمنزلة مثل القعقاع بن عمرو التميمي وهاشم بن المرقال وميسرة بن مسروق العبسي والمسيب بن نجيبة الفزاري فعندها استدعى عمرو رضي الله عنه بالنجابة والسعادة وعمرو ابن أمية الضمري ومثل هؤلاء رضي الله عنهم أجميعن وكتب الكتب وأرسلها للأمراء
(٢٢٢)