(ألست ترى أن ضوء السراج * له لهب قبل أن ينطفي) المتقارب قال وأنا لقيت أبا عبد الله بن النقاش ببغداد وتوفي رحمه الله في العشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وأربعين وخمس مائة بها بعد مسيري إلى أصبهان قال وقرأت بخط السمعاني أنشدني أبو عبد الله النقاش لنفسه (رزقت يسارا فوافيت من * قدرت به حين لم يرزق) (وأملقت من بعده فاعتذرت * إليه اعتذار أخ مملق) (وإن كان يشكر فيما مضى * بذا فسيعذر فيما بقي) المتقارب قال قال وأنشدني لنفسه أيضا من قطعة (وكذا الرئيس فإنه عندي * كمجرى الروح يجري) (أنكرت في دلف عليه * تهتكا من بعد ستر) (كيف السلو وقد تملك * مهجتي من غير أمري) (قمر تراه إذا استمر * كمثل أربعة وعشر) (يرفو بنجلاوين يسقم * من سقامهما ويبري) (وإذا تبسم في دجا * ليل شهدت له بفجر) (وبورد وجنته وحسن * عذاره قد قام عذري) الكامل أقول ولما وصل مهذب الدين بن النقاش إلى دمشق بقي بها يطب وكان أوحد زمانه في صناعة الطب وله مجلس عام للمشتغلين عليه ثم توجه إلى الديار المصرية وأقام بالقاهرة مدة ثم رجع إلى دمشق ولم يزل مقيما إلى حين وفاته وخدم بصناعة الطب الملك العادل نور الدين محمود ابن زنكي وكان يعاني أيضا كتابة الإنشاء وكتب كثيرا لنور الدين المراسلات والكتب إلى سائر النواحي وكان مكينا عنده وخدم أيضا في البيمارستان الكبير الذي أنشأه الملك العادل نور الدين بدمشق وبقي به سنين وكتب الأمير مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة بن منقذ إلى مهذب الدين ابن النقاش يستهدي دهن بلسان (ركبتي تخدم المهذب في العلم * وفي كل حكمة وبيان) (وهي تشكو إليه تأثير طول العمر * في ضعفها وطول الزمان) فلها فاقة إلى ما يقويها * على مشيها من البلسان)
(٦٣٦)