وكانت وفاته بحمى الدق بدمشق وذلك في سابع شهر شعبان سنة سبع وثلاثين وستمائة ولشمس الدين الخوبي من الكتب تتمة تفسير القرآن لابن خطيب الري كتاب في النحو كتاب في علم الأصول كتاب يشتمل على رموز حكمية على ألقاب السلطان الملك المعظم صنفه للملك المعظم عيسى بن أبي بكر بن أيوب رفيع الدين الجيلي هو القاضي الأجل الإمام العالم رفيع الدين أبو حامد عبد العزيز بن عبد الواحد بن إسماعيل ابن عبد الهادي الجيلي من أهل فيلمان شهر من الجيلان وكان من الأكابر المتميزين في العلوم الحكمية وأصول الدين والفقه والعلم الطبيعي والطب وكان مقيما بدمشق وهو فقيه في المدرسة العذراوية داخل باب النصر وله مجلس للمشتغلين عليه في أنواع العلوم والطب وقرأت عليه شيئا من العلوم الحكمية وكان فصيح اللسان قوي الذكاء كثير الاشتغال والمطالعة واستخدم قاضيا في مدينة بعلبك وبقي بها مديدة وكان صديقا للصاحب أمين الدولة وبينهما عشرة ولما تملك السلطان الملك الصالح عماد الدين إسماعيل دمشق وتوفي قاضي القضاة شمس الدين الخوبي رحمه الله فأشار الصاحب أمين الدولة أن يجعل موضعه فولاه السلطان وصار قاضي القضاة بدمشق وارتفعت منزلته وأثرى وبقي كذلك مدة وكان كثير من الناس يتظلمون منه ويشكون سيرته وبالجملة فإن الحال تأدى به إلى أن قبض عليه وقتل رحمه الله في أيام الملك الصالح إسماعيل وكان قد وقع بين القاضي رفيع الدين وبين الوزير أمين الدولة فبعثوه تحت الحوطة مع رجال عوامله إلى قريب بعلبك في موضع فيه هوة عظيمة لا يعرف لها قعر يقال لها مغارة أفقه وكانوا أمروهم بما يفعلونه به فكتفوه ثم دفعوه في وسطها وحدثنا بعض الذين كانوا معه أنه لما دفع في تلك الهوة تحطم في نزوله وكأنه تعلق في بعض جوانبها أسفل بثيابه قال فبقينا نسمع أنينه نحو ثلاثة أيام وكلما مر يضعف ويخفى حتى تحققنا من موته ورجعنا عنه أقول ومن عجيب ما يحكى أن القاضي رفيع الدين وقف على نسخة من هذا الكتاب بحضوري وما كنت ذكرته في تلك النسخة فطالع فيه ولما وقف على أخبار شهاب الدين السهروردي تأثر من ذلك وقال لي ذكرت هذا وغيره أفضل منه ما ذكرته وأشار إلى نفسه ثم قال وإيش كان من حال شهاب الدين إلا أنه قتل في آخر أمره وقدر الله عز وجل أن رفيع الدين قتل أيضا مثله فسبحان الله العظيم المدبر في خلقه بما يشاء وكانت وفاة القاضي رفيع الدين في شهر ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وستمائة ولما كان رفيع الدين قد تولى القضاء بدمشق وصار قاضي القضاة وذلك
(٦٤٧)