(كل هذا علالة ما لمن جاز * الثمانين بالنهوض يدان) (رغبة في الحياة من بعد طول العمر * والموت غاية الإنسان) الخفيف فبعث إليه ما أراد من ذلك ولم يزل في خدمة نور الدين إلى أن توفي رحمه الله وكانت وفاة نور الدين في شوال سنة تسع وستين وخمسمائة بدمشق وخدم مهذب الدين بن النقاش أيضا بصناعة الطب بعد ذلك للملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب لما ملك دمشق وحظي عنده وكان مهذب الدين بن النقاش كثير الإحسان محبا للجميل يؤثر التخصص ولم يتخذ امرأة ولا خلف ولدا وكانت وفاته رحمه الله بدمشق في يوم السبت ثاني عشر محرم سنة أربع وسبعين وخمسمائة ودفن بها في جبل قاسيون أبو زكريا يحيى البياسي هو أمين الدين أبو زكريا يحيى بن إسماعيل الأندلسي البياسي من الفضلاء المشهورين والعلماء المذكورين قد أتقن الصناعة الطبية وتميز في العلوم الرياضية وصل من المغرب إلى ديار مصر وأقام بالقاهرة مدة ثم توجه إلى دمشق وقطن بها وقرأ على مهذب الدين أبي الحسن علي بن عيسى ابن هبة الله المعروف بابن النقاش البغدادي ولازمه وكتب الستة عشر لجالينوس وقرأها عليه وكتب بخطه كتبا كثيرة جدا في الطب وغيره وكان يعرف النجارة وعمل لابن النقاش آلات كثيرة تتعلق بالهندسة وكان أبو زكريا يحيى البياسي جيد اللعب بالعود وعلم الأرغن أيضا وحاول اللعب به وكان يقرأ عليه علم الموسيقى وخدم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بصناعة الطب وبقي معه مدة في البيكار ثم استعفى من ذلك وطلب المقام بدمشق فأطلق له الملك الناصر جامكية وبقي مقيما في دمشق وهو يتناولها إلى أن توفي رحمه الله سكرة الحلبي كان شيخا قصيرا من يهود مدينة حلب وكانت له دربة بالعلاج وتصرف في المداواة حدثني الشيخ صفي الدين خليل بن أبي الفضل بن منصور التنوخي الكاتب اللاذقي قال كان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بحلب وكانت له في القلعة بها حظية يميل إليها كثيرا ومرضت مرضا صعبا وتوجه الملك العادل إلى دمشق وبقي قلبه عندها وكل وقت يسأل عنها فتطاول مرضها وكان يعالجها جماعة من أفاضل الأطباء وأحضر إليها الحكيم سكرة فوجدها قليلة الأكل متغيرة المزاج لم تزل جنبها إلى الأرض فتردد إليها مع الجماعة ثم استأذن الخادم في الحضور إليها وحده فأذنت له فقال لها يا ستي أنا أعالجك بعلاج تبرئي به في أسرع وقت إنشاء الله تعالى وما تحتاجي
(٦٣٧)