عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٥٦٤
والرابعة العلم موضوعه اللفظ واللفظ على ثلاثة أضرب قريب من العقل وهو الذي صاغه العقل مثالا لما عده من المعاني ومتوسط ومتوسط وهو المتلفظ به بالصوت وهو مثال لما صاغه العقل وبعيد وهو المثبت في الكتب وهو مثال ما خرج باللفظ فالكتاب مثال مثال مثال المعاني التي في العقل والمثال الأول لا يقوم مقام المثل لعوز المثل فما ظنك بمثال مثال مثال المثل فالمثال الأول لما عند العقل أقرب في الفهم من مثال المثال والمثال الأول هو اللفظ والثاني هو الكتاب وإذا كان الأمر على هذا فالفهم من لفظ المعلم أسهل وأقرب من لفظ الكتاب والخامسة وصول اللفظ الدال على المعنى إلى العقل يكون من جهة حاسة غريبة من اللفظ وهي البصر لأن الحاسة النسبية للفظ هي السمع لأنه تصويت والشيء الواصل من النسيب وهو اللفظ أقرب من وصوله من الغريب وهو الكتابة فالفهم من المعلم باللفظ أسهل من الكتاب بالخط والسادسة هكذا يوجد في الكتاب أشياء تصد عن العلم قد عدمت في تعليم المعلم وهي التصحيف العارض من اشتباه الحروف مع عدم اللفظ والغلط بزوغان البصر وقلة الخبرة بالإعراب أو عدم وجوده مع الخبرة به أو فساد الموجود منه واصطلاح الكتاب ما لا يقرأ وقراءة ما لا يكتب ونحو التعليم ونمط الكلام ومذهب صاحب الكتاب وسقم النسخ ورداءة النقل وادماج القارئ مواضع المقاطع وخلط مبادئ التعاليم وذكر ألفاظ مصطلح عليها في تلك الصناعة وألفاظ يونانية لم يخرجها الناقل من اللغة كالثوروس وهذه كلها معوقة عن العلم وقد استراح المتعلم عن تكلفها عند قراءته على المعلم وإذا كان الأمر على هذا فالقراءة على العلماء أفضل وأجدى من قراءة الإنسان لنفسه وهو ما أردنا بيانه قال وأنا آتيك ببيان سابع أظنه مصدقا عندك وهو ما قاله المفسرون في الاعتياض عن السالبة البسيطة بالموجبة المعدولة فإنهم مجمعون على أن هذا الفصل لو لم يسمعه من أرسطوطاليس تلميذه تاؤفرسطس وأوذيموس لما فهم قط من كتاب وإذا كان الأمر على هذا فالفهم من المعلم أفضل من الفهم من الكتاب وبحسب هذا يجب على كل محب للعلم أن لا يقطع بظن فربما خفي الصواب وإذا خفي الصواب علم الأشياء علما رديا فثار عليه بحسب اعتقاده في الحق أنه محال شكوك يعسر حلها وكانت وفاة علي بن رضوان رحمه الله في سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة بمصر وذلك في خلافة المستنصر بالله أبي تميم معد بن الظاهر لإعزاز دين الله الحاكم ومن كلام علي بن رضوان قال إذا كانت للإنسان صناعة ترتاض بها أعضاؤه ويمدحه بها الناس ويكسب بها كفايته في بعض يومه فأفضل ما ينبغي له في باقي يومه أن يصرفه في طاعة ربه وأفضل الطاعات النظر في الملكوت وتمجيد المالك لها سبحانه ومن رزق ذلك فقد رزق خير الدنيا والآخرة وطوبى له وحسن مآب ومن كلامه نقلته من خطه قال الطبيب على رأي بقراط هو الذي اجتمعت فيه سبع خصال
(٥٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 559 560 561 562 563 564 565 566 567 568 569 ... » »»