جيد اللعب بالشطرنج جدا ولم يكن في زمانه أحد مثله في صناعة الطب وخدم الدولتين وذلك أنه لحق دولة الملثمين واستمر في الخدمة مع أبيه في آخر دولتهم ثم خدم دولة الموحدين وهم بنو عبد المؤمن وذلك أنه كان في خدمة عبد المؤمن هو وأبوه وفي أيام عبد المؤمن مات أبوه وبقي هو في خدمته ثم خدم لابن عبد المؤمن أبي يعقوب يوسف ثم لابنه يعقوب أبي يوسف الذي لقب بالمنصور ثم خدم ابنه أبا عبد الله محمد الناصر وفي أول دولته توفي أبو بكر بن زهر وكانت وفاته رحمه الله في عام ستة وتسعين وخمسمائة بمراكش وقد أتاها ليزور بها ودفن هناك في الموضع المعروف بمقابر الشيوخ وعمر نحو الستين سنة قال وكان أبو بكر بن زهر صائب الرأي حسن المعالجة جيد التدبير وقد عرف هذا منه حتى أنه يوما كان قد كتب والده أبو مروان ابن زهر نسخة دواء مسهل لعبد المؤمن الخليفة فلما رآه أبو بكر بعد ذلك وكان في حال شبيبته قال يجب أن يبدل هذا الدواء المفرد منه بدواء آخر فلم يتناول عبد المؤمن ذلك الدواء ولما رآه أبوه قال يا أمير المؤمنين إن الصواب في قوله وبدل الدواء المفرد بغيره فأثر نفعا بيننا وألف أبو بكر ابن زهر الترياق الخمسيني للمنصور أبو يوسف يعقوب قال وحدثني من أثق به أن رجلا من بني اليناقي كان صديقا للحفيد أبي بكر بن زهر وكان يجالسه كثيرا ويلعب معه بالشطرنج وأنه كان عند الحفيد أبي بكر يوما وهما يلعبان بالشطرنج فرآه الحفيد على غير ما يعهده به من الانبساط فقال له ما لخاطرك كأنه مشتغل بشيء عرفني ما هو فقال نعم إن لي بنتا زوجتها لرجل وهو يطلبها وقد احتجت إلى ثلاثمائة دينار فقال له العب وما عليك فإن عندي في وقتنا هذا ثلاثمائة دينار إلا خمسة دنانير تأخذها فلعب معه ساعة واستدعى بالذهب وأعطاه له فلما كان عن قرب أتاه صاحبه وترك بين يديه ثلاثمائة دينار إلا خمسة دنانير تأخذها فلعب مع ساعة واستدعى بالذهب وأعطاه له فلما كان عن قرب أتاه صاحبه وترك بين يديه ثلاثمائة دينار إلا خمسة فقال له ابن زهر ما هذا فقال إنني بعت زيتونا لي بسبعمائة دينار وقد أتيت منها بثلاثمائة دينار إلا خمسة عوض الذي تفضلت به علي وأقرضتني إياه وقد بقي عندي حاصلا أربعمائة دينار فقال له ابن زهر ارفع هذا عندك وانتفع به فإني ما دفعت لك الذهب على إني أعود آخذه أبدا فأبى الرجل وقال إنني بحمد الله بحال سعة ولا لي حاجة أن آخذ هذا ولا غيره من أحد أصلا وتفاوضا في ذلك فقال له ابن زهر يا هذا أنت صديقي أو عدوي فقال له بل صديقك وأحب الناس فيك فقال له ابن زهر والله لئن لم تأخذه لأعادينك بسببه ولا أعود أكلمك أبدا فأخذه منه وشكره على فعله
(٥٢٢)