عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٥١٨
بالمكنون في تنقيح القانون أن رجلا من التجار جلب من العراق إلى الأندلس نسخة من هذا الكتاب قد بولغ في تحسينها فأتحف بها لأبي العلاء بن زهر تقربا إليه ولم يكن هذا الكتاب وقع إليه قبل ذلك فلما تأمله ذمه وأطرحه ولم يدخله خزانة كتبه وجعل يقطع من طرره ما يكتب فيه نسخ الأدوية لمن يستفتيه من المرضى وقال أبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم ابن اليسع في كتاب المغرب عن محاسن أهل المغرب أن أبا العلاء بن زهر كان مع صغر سنه تصرخ النجابة بذكره وتخطب المعارف بشكره ولم يزل يطالع كتب الأوائل متفهما ويلقى الشيوخ مستعلما والسعد ينهج له مناهج التيسير والقدر لا يرضى له من الوجاهة باليسير حتى برز في الطب إلى غاية عجز الطب عن مرامها وضعف الفهم عن إبرامها وخرجت عن قانون الصناعة إلى ضروب من الشناعة يخبر فيصيب ويضرب في كل ما ينتحله من التعاليم بأوفى نصيب ويشعر سابق مدى ويغبر في وجوه الفضلاء علما ومحتدا ويفوق الجلة سماحة وندى لولا بذاء لسان وعجلة إنسان وأي الرجال تكمل خصاله وتتناسب أوصاله ونقلت من خط محمد بن أحمد بن صالح العبدي وهو من أهل المغرب وله نظر وعناية بصناعة الطب قال أبو العيناء المصري وهو شيخ أبو العلاء بن زهر ومن قبله انصرف من بغداد وحكايته معه طويلة قال أخبرني بهذا الشيخ الطبيب أبو القاسم هشام بن إسماعيل بن محمد بن أحمد بن صاحب الصلاة بداره بأشبيلية حرسها الله أقول وكان من جملة تلاميذ أبي العلاء بن زهر في الطب أبو عامر بن ينق الشاطبي الشاعر وتوفي أبو العلاء بن زهر في سنة ودفن بأشبيلية خارج باب الفتح ومن شعر أبي العلاء بن زهر قال في التغزل (يا من كلفت به وذلت عزتي * لغرامه وهو العزيز القاهر) (رمت التصبر عندما ألقى الجفا * ويقول ذاك الحسن مالك ناصر) (ما الجاه إلا جاه من ملك القوى * وإطاعه قلب عزيز قادر) الكامل وقال أيضا (يا راشقي بسهام ما لها غرض * إلا الفؤاد وما لها منه عوض) (وممرضي بجفون حشوها سقم * صحت ومن طبعها التمريض والمرض) (أمنن ولو بخيال منك يطرقني * فقد يسد مسد الجوهر العرض) البسيط وقال في ابن منظور قاضي قضاة أشبيلية وقد وصله عنه أنه قال أيمرض ابن زهر على
(٥١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 513 514 515 516 517 518 519 520 521 522 523 ... » »»