يقول له يا بني إذا أراد الله تغيير هذه البنية فإنه لا يقدر لي أن استعمل من الأدوية إلا ما يتم به مشيئته وإرادته أقول وكان من أجل تلاميذ أبي مروان عبد الملك بن أبي العلاء بن زهر في صناعة الطب والآخذين عنه أبو الحسين بن أسدون شهر بالمصدوم وأبو بكر بن الفقيه القاضي أبي الحسن قاضي أشبيلية وأبو محمد الشذوني والفقيه الزاهد أبو عمران بن أبي عمران وتوفي أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء بن زهر في سنة وخمسمائة ودفن بأشبيلية خارج باب الفتح ولأبي مروان بن أبي العلاء بن زهر من الكتب كتاب التيسير في المداواة والتدبير ألفه للقاضي أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد كتاب الأغذية ألفه لأبي محمد عبد المؤمن بن علي كتاب الزينة تذكرة إلى ولده ألي بكر في أمر الدواء المسهل وكيفية أخذه وذلك في صغر سنه وأول سفرة سافرها فناب عن أبيه فيها مقالة في علل الكلى رسالة كتب بها إلى بعض الأطباء بأشبيلية في علتي البرص والبهق كتاب تذكرة ذكر بها لابنه أبي بكر أول ما تعلق بعلاج الأمراض الحفيد أبو بكر بن زهر هو الوزير الحكيم الأديب الحسيب أبو بكر محمد بن أبي مروان بن أبي العلاء بن زهر مولده بمدينة أشبيلية ونشأ بها وتميز في العلوم وأخذ صناعة الطب عن أبيه وباشر أعمالها وكان معتدل القامة صحيح البنية قوي الأعضاء وصار في سن الشيخوخة ونضارة لونه وقوة حركاته لم يتبين فيها تغير وإنما عرض له في أواخر عمره ثقل في السمع وكان حافظا للقرآن وسمع الحديث واشتغل بعلم الأدب والعربية ولم يكن في زمانه أعلم منه بمعرفة اللغة ويوصف بأنه قد أكمل صناعة الطب والأدب وعانى عمل الشعر وأجاد فيه وله موشحات مشهورة ويغنى بها وهي من أجود ما قيل في ذلك وكان ملازما للأمور الشرعية متين الدين قوي النفس محبا للخير وكان مهيبا وله جرأة في الكلام ولم يكن في زمانه أعلم منه بصناعة الطب وذكره قد شاع واشتهر في أقطار الأندلس وغيرها من البلاد وحدثني القاضي أبو مروان محمد بن أحمد بن عبد الملك الباجي من أهل أشبيلية قال قال لي الشيخ الوزير الحكيم أبو بكر بن زهر أنه لازم لجدي عبد الملك الباجي سبع سنين يشتغل عليه وقرأ عليه كتاب المدونة لسخنون في مذهب مالك وقرأ أيضا عليه مسند ابن أبي شيبة وحدثني أيضا القاضي أبو مروان الباجي عن أبي بكر بن زهر أنه كان شديد البأس يجذب قوسا مائة وخمسين رطلا بالإشبيلي والرطل الذي بإشبيلة ستة عشر أوقية وكل أوقية عشرة دراهم وأنه كان
(٥٢١)