ومعاناته فحصل بتلك العناية على فهم كثير منها ولم تكن له دربة بعلاج المرضى ولا طبيعة نافذة في فهم الأمراض وتوفي عند صلاة الصبح من يوم الثلاثاء أول يوم من رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة وأخبرني أنه ولد سنة تسع وستين وثلاثمائة فكان إذ توفي ابن خمس وسبعين سنة ابن وافد هو الوزير أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكبير بن يحيى بن وافد بن مهند اللخمي أحد أشراف أهل الأندلس وذوي السلف الصالح منهم والسابقة القديمة فيهم عنى عناية بالغة بقراءة كتب جالينوس وتفهمها ومطالعة كتب أرسطوطاليس وغيره من الفلاسفة قال القاضي صاعد وتمهر بعلم الأدوية المفردة حتى ضبط منها ما لم يضبطه أحد في عصره وألف فيها كتابا جليلا لا نظير له جمع فيه ما تضمن كتاب ديسقوريدس وكتاب جالينوس المؤلفان في الأدوية المفردة ورتبه أحسن ترتيب قال وأخبرني أنه عانى جمعه وحاول ترتيبه وتصحيح ما ضمنه من أسماء الأدوية وصفاتها وأودعه إياه من تفصيل قواها وتحديد درجاتها نحوا من عشرين سنة حتى كمل موافقا لغرضه وتم مطابقا لبغيته وله في الطب منزع لطيف ومذهب نبيل وذلك أنه كان لا يرى التداوي بالأدوية ما أمكن التداوي بالأغذية أو ما كان قريبا منها فإذا دعت الضرورة إلى الأدوية فلا يرى التداوي بمركبها ما وصل إلى التداوي بمفردها فإن اضطر إلى المركب منها لم يكثر التركيب بل اقتصر على الأقل ما يمكنه منه وله نوادر محفوظة وغرائب مشهورة في الإبراء من العلل الصعبة والأمراض المخوفة بأيسر العلاج وأقربه واستوطن مدينة طليطلة وكان في أيام ابن ذي النون ومولد ابن وافد في ذي الحجة من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة وكان في الحياة في سنة ستين وأربعمائة ولابن وافد من الكتب كتاب الأدوية المفردة كتاب الوساد في الطب مجربات في الطب كتاب تدقيق النظر في علل حاسة البصر كتاب المغيث الرميلي هو وكان بالمرية في أيام ابن معن المعروف بان صمادح ويلقب بالمعتصم بالله وقال أبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم بن اليسع في كتاب المغرب عن محاسن أهل المغرب إن الرميلي صحبه توفيق يساعده ويصعده ويقيم له الجاه ويقعده مع دربة جرى بها فأدرك وقياس حركة للمحاورة فتحرك فأصبح يقتدى بنسخه ويتنافس في مستصرخه ويتوسل إليه برئاسة
(٤٩٦)