المأمون يحيى بن إسماعيل بن ذي النون وكان مع ذلك معتنيا بصناعة الطب دقيق العلاج حصيفا حليما دمثا حسن السيرة كريم المذهب وتوفي بطليطلة سنة سبع وأربعين وأربعمائة وقد قارب ثمانين سنة منجم بن الفوال يهودي من سكان سرقسطة وكان متقدما في صناعة الطب متصرفا مع ذلك في علم المنطق وسائر علوم الفلسفة ولمنجم بن الفوال من الكتب كتاب كنز المقل على طريق المسألة والجواب وضمنه جملا من قوانين المنطق وأصول الطبيعة مروان بن جناح كان أيضا يهوديا وله عناية بصناعة المنطق والتوسع في علم لسان العرب واليهود ومعرفة جيدة بصناعة الطب وله من الكتب كتاب التلخيص وقد ضمنه ترجمة الأدوية المفردة وتحديد المقادير المستعملة في صناعة الطب من الأوزان والمكاييل إسحاق بن قسطار كان أيضا يهوديا وخدم الموفق مجاهدا العامري وابنه إقبال الدولة عليا وكان إسحاق بصيرا بأصول الطب مشاركا في علم المنطق مشرفا على آراء الفلاسفة وكان وافر العقل جميل الأخلاق وله تقدم في علم اللغة العبرانية بارعا في فقه اليهود حبرا من أحبارهم ولم يتخذ قط امرأة وتوفي بطليطلة سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وله من العمر خمس وسبعون سنة حسداي بن إسحاق معتن بصناعة الطب وخدم الحكم بن عبد الرحمن الناصر لدين الله وكان حسداي بن إسحاق من أحبار اليهود متقدما في علم شريعتهم وهو أول من فتح لأهل الأندلس منهم باب علمهم من الفقه والتاريخ وغير ذلك وكانوا قبل يضطرون في فقه دينهم وسني تاريخهم ومواقيت أعيادهم إلى يهود بغداد فيستجلبون من عندهم حساب عدة من السنين يتعرفون به مداخل تاريخهم ومبادئ سنيهم فلما اتصل حسداي بالحكم ونال عنده نهاية الحظوة توصل به إلى استجلاب ما شاء من تآليف اليهود بالمشرق فعلم حينئذ يهود الأندلس ما كانوا قبل يجهلونه واستغنوا عما كانوا يتجشمون الكلفة فيه
(٤٩٨)