عيون الأنباء في طبقات الأطباء - ابن أبي أصبيعة - الصفحة ٤٦٨
الموت وخفف عني نزول الموت ولا تضيق علي بسبب الآلام والأسقام فأنت أرحم الراحمين وأما الكتب العلمية التي صنفتها أو استكثرت من إيراد السؤالات على المتقدمين فيها فمن نظر في شيء منها فإن طابت له تلك السؤالات فليذكرني في صالح دعائه على سبيل التفضل والإنعام وإلا فليحذف القول السيئ فإني ما أردت إلا تكثير البحث وتشحيذ الخاطر واعتمادي فيه على الله تعالى وأما المهم الثاني وهو إصلاح أمر الأطفال والعورات فاعتمادي فيه على الله تعالى ثم على نائب الله محمد اللهم اجعله قرين محمد الأكبر في الدين والعلو إلا أن السلطان الأعظم لا يمكنه أن يشتغل بإصلاح مهمات الأطفال فرأيت الأولى أن أفوض وصاية أولادي إلى فلان وأمرته بتقوى الله تعالى فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون وسرد الوصية إلى آخرها ثم قال وأوصيه ثم أوصيه ثم أوصيه بأن يبالغ في تربية ولدي أبي بكر فإن آثار الذكاء والفطنة ظاهرة عليه ولعل الله تعالى يوصله إلى خير وأمرته وأمرت كل تلامذتي وكل من عليه حق إني إذا مت يبالغون في إخفاء موتي ولا يخبرون أحدا به ويكفنوني ويدفنوني على شرط الشرع ويحملونني إلى الجبل المصاقب لقرية مزداخان ويدفنوني هناك وإذا وضعوني في اللحد قرأوا علي ما قدروا عليه من آيات القرآن ثم ينثرون التراب علي وبعد الإتمام يقولون يا كريم جاءك الفقير المحتاج فأحسن إليه وهذا منتهى وصيتي في هذا الباب والله تعالى الفعال لما يشاء وهو على ما يشاء قدير وبالإحسان جدير ومن شعر فخر الدين بن الخطيب أنشدني بديع الدين البندهي مما سمعه من الشيخ فخر الدين بن خطيب الري لنفسه فمن ذلك قال (نهاية إقدام العقول عقال * وأكثر سعي العالمين ضلال) (وأرواحنا في عقلة من جسومنا * وحاصل دنيانا أذى ووبال) (ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا * سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا) (وكم قد رأينا من رجال ودولة * فبادوا جميعا مسرعين وزالوا) (وكم من جبال قد علت شرفاتها * رجال فزالوا والجبال جبال) الطويل وأنشدني أيضا قال أنشدني المذكور لنفسه (فلو قنعت نفسي بميسور بلغة * لما سبقت في المكرمات رجالها) (ولو كانت الدنيا مناسبة لها * لما استحقرت نقصانها وكمالها) (ولا أرمق الدنيا بعين كرامة * ولا أتوقى سوءها واختلالها)
(٤٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 473 ... » »»